التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ
١٥
-التغابن

روح البيان في تفسير القرآن

{ انما اموالكم واولادكم فتنة } بلاء ومحنة يوقعونكم فى الاثم والعقوبة من حيث لا تحتسبون (وقال الكاشفى) آز مايش است تا ظاهر كرددكه كدام از ايشان حق را برايشان ايثار ميكند وكدام دل درمال ولد بسته از محبت الهى كرائه ميكيرد. وجيئ بانما للحصر لان جميع الاموال والاولاد فتنة لانه لا يرجع الى مال او ولد الا هو مشتمل على فتنة واشتغال قلب وتأخير الاولاد من باب الترقى من الأدنى الى الأعلى لان الاولاد ألصق بالقلوب من الاموال لكونهم من اجزاء الآباء بخلاف الاموال فانها من توابع الوجود وملحقاته ولذا جعل توحيد الافعال فى مقابلة الفناء عن الاولاد وتوحيد الذات فى مقابلة الفناء عن النفس { والله عنده اجر عظيم } لمن آثر محبة الله وطاعته على محبة الاموال والاولاد والتدبير فى مصالحهم زهدهم فى الدنيا بان ذكر عيبها ورغبهم فى الآخرة بذكر نعيمها وعن ابن مسعود رضى الله عنه لا يقولن احدكم اللهم اعصمنى من الفتن فانه ليس احد منكم يرجع الى مال وولد الا وهو مشتمل على فتنة ولكن ليقل اللهم انى اعوذ بك من مضلات الفتن نظيره ما حكى عن محمد ابن المنكدررحمه الله انه قال قلت ليلة فى الطواف اللهم اعصمنى واقسمت على الله تعالى فى ذلك كثيرا فرأيت فى المنام كأن قائلا يقول لى انه لا يفعل ذلك قلت لم قال لانه يريد أن يعصى حتى يغفر وهذا من الاسرار المصونة والحكم المسكوت عنها وفى مشكاة المصابيح كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب اذ جاء الحسن والحسين رضى الله عنهما عليهما قميصان احمران يمشيان ويعثران فنزل عليه السلام من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال "صدق الله انما اموالكم واولادكم فتنة نظرت الى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم اصبر حتى قطعت حديثى" ورفعتهما ثم اخذ عليه السلام فى خبطته قال ابن عطية وهذه ونحوها هى فتنة الفضلاء فاما فتنة الجهال الفسقة فمؤدية الى كل فعل مهلك يقال ان اول ما يتعلق بالرجل يوم القيامة اهله واولاده فيوقفونه بين يدى الله تعالى ويقولون يا ربنا خذ بحقنا منه فانه ما علمنا ما نجهل وكان يطعمنا الحرام ونحن لا نعلم فيقتص لهم منه وتأكل عياله حسناته فلا يبقى له حسنة ولذا قال عليه السلام "يؤتى برجل يوم القيامة فيقال له اكل عياله حسناته" وعن بعض السلف العيال سوس الطاعات وهو دود يقع فى الطعام والثوب وغيرهما ومن ثم ترك كثير من السلف المال والاهل رأسا واعرضوا عنهما بالكلية لان كل شئ يضل عن الله فهو مشئوم على صاحبه ولذا كان عليه السلام يقول فى دعائه "اللهم من أحبنى وأجاب دعوتى فأقلل ماله وولده ومن أبغضنى ولم يجب دعوتى فاكثر ماله وولده" وهذا للغالب عليهم النفس واما قوله عليه السلام فى حق انس رضى الله عنه "اللهم أكثر ماله وولده وبارك فيما أعطيته فهو لغيره"