التفاسير

< >
عرض

زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ
٧
-التغابن

روح البيان في تفسير القرآن

{ زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا } الزعم ادعاء العلم فمعنى أزعم زيدا قائما أقول انه كذا ففى تصدير الجملة بقوله ازعم اشعار بأنه لا سند للحكم سوى ادعائه اياه وقوله به ويتعدى الى مفعولين تعدى العلم وقد قام مقامهما ان المخففة مع ما فى حيزها فأن مخففة لاناصبة لئلا يدخل ناصب على مثله والمراد بالموصول كفار مكة اى زعموا وادعوا ان الشان لن يبعثوا بعد موتهم ابدا ولن يقاموا ويخرجوا من قبورهم وعن شريح رضى الله عنه لكل شئ كنية وكنية الكذب زعموا قال بعض المخضرمين لابنه هب لى من كلامك كلمتين زعم وسوف انتهى.
ويكره للرجل ان يكثر لفظ الزعم وامثاله فانه تحديث بكل ما سمع وكفى بذلك كذبا واذا أراد أن يتكلم تكلم بما هو محقق لا بما هو مشتبه بذلك يتخلص من أن يحدث بكل ما سمع فيكون معصوما من الكذب كذا فى المقاصد الحسنة { قل } ردا لهم وابطالا لزعمهم باثبات ما نفوه { بلى } اى تبعثون فان لا يجاب النفى الذى قبله وقوله { وربى لتبعثن ثم لتنبئون بما عملتم } اى لتحاسبن وتجزون بأعمالكم جملة مستقلة داخلة تحت الامر واردة لتأكيد ما أفاده كلمة بلى من اثبات البعث وبيان تحقق امر آخر متفرع عليه منوط به ففيه تأكيد لتحقق البعث بوجهين فقوله وربى قسم لعل اختياره ههنا لما ان فى البعث اظهار كمال الربوبية المفيدة لتمام المعرفة وايثار دوام التربية بالنعم الجسمانية الظاهرة والنعم الروحانية الباطنة وقوله { لتبعثن } اصله لتبعثون حذفت واوه لاجتماع الساكنين بمجيئ نون التأكيد وان كان على حده طلبا للخفة واكتفاء بالضمة وهو جواب قسم قبله مؤكد باللام المؤكدة للقيم وثم لتراخى المدة لطول يوم القيامة او لتراخى الرتبة وظاهر كلام اللباب أن يكون وربى قسما متعلقا بما قبله قد تم الكلام عنده وحسن الوقف عليه ويجعل تبعثن بما عطف عليه جواب قسم آخر مقدر مستانف لتأكيد الاول لعل فائدة الاخبار بالقسم مع ان المشركين ينكرون الرسالة كما ينكرون البعث ابطال لزعمهم بالتشديد والتأكيد ليتأثر من قدر الله له الانصاف وتتأكد الحجة على من لم يقدر له وكان محروما بالكلية { وذلك } اى ما ذكر من البعث والجزآء { على الله يسير } اى سهل على الله لتحقق القدرة التامة وقبول المادة واذا كان الامر كذلك.