التفاسير

< >
عرض

وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً
٤
-الطلاق

روح البيان في تفسير القرآن

{ واللائى } من الموصولات جمع التى يعنى آن زنان كه { يئسن من المحيض من نسائكم } اللاتى دخلتم بهن لكبرهن ويبسهن وقدروه بستين سنة وبخمس وخمسين فلو رأته بعد ذلك لا يكون حيضا قوله يئسن فعل ماض واليأس القنوط ضد الرجاء يقال يئس من مراده ييأس يأسا وفى معناه أيس يأيس يأسا واياسا لا ايساً وفاعلهما آيس لا يائس يقال امرأة آيس اذا كان يأسها من الحيض دون آيسة لان التاء انما زيدت فى المؤنث اذا استعلمت الكلمة للمذكر ايضا فرقا بينهما واذا لم تستعمل له فأى حاجة الى الزيادة ومن ذلك يقال امرأة حائض وطالق وحامل بلا تاء اذا كان حملها من الولد واما اذا كان يأسها وحملها من غير الحيض وحمل الولد يقال آيسة وحاملة وفى المغرب اليأس انقطاع الرجاء واما الا ياس فى مصدر الآيسة من الحيض فهو فى الاصل ايئاس على افعال حذفت منه الهمزة التى هى عين الكلمة تخفيفا والمحيض الحيض وهو فى اللغة مصدر حاضت الانثى فهى حائض وحائضة اى خرج الدم من قبلها ويكون للأرنب والضبع والخفاش كما ذكره الجاحظ وفى القاموس حاضت المرأة تحيض حيضا ومحيضا ومحاضا فهى حائض وحائضا من حوآئض وحيض سال دمها والمحيض اسم ومصدر قيل ومنه الحوض لان الماء يسيل اليه والحيضة المرة انتهى وفى الشرع دم ينفضه رحم امرأة بالغة لاداء بها ولا اياس لها اى يجعلها الشارع منقطعة الرجاء عن رؤية الدم ومن الاولى لابتدآء الغاية ومتعلقة بالفعل قبلها والثانية للتبيين ومتعلقة بمحذوف { ان ارتبتم } من الارتياب بالفارسية بشك شدن.
اى شككتم واشكل عليكم حكمهن لانقطاع دمهن بكبر السن وجهلتم كيف عدتهن { فعدتهن ثلاثة اشهر } فقوله واللائى يئسن الخ مبتدأ خبره فعدتهن وقوله ان ارتبتم اعتراض وجواب الشرط محذوف اى ارتبتم فيه فاعلموا انها ثلاثة أشهر كذا قالوا والأشهر جمع شهر وهو مدة معروفة مشهورة باهلال الهلاك او باعتبار جزء من اثنى عشر جزأ من دوران الشمس من نقطة الى تلك النقطة قال فى القاموس الشهر العدد المعروف من الايام لانه يشهر بالقمر { واللآئى } وآن زنان كه { لم يحضن } اى ما رأين الدم لصغرهن اى فعدتهن ايضا كذلك فحذف ثقة بدلالة ما قبله عليه والشابة التى كانت تحيض فارتفع حيضها بعذر من الاعذار قبل بلوغها سن الآيسات فعند أبى حنيفة والشافعى لا تنقضى عدتها حتى يعادوها الدم فتعتد بثلاثة اقرآء او تبلغ سن الآيسات فتعتد بثلاثة اشهر وضع السجاوندى الطاء الدالة على الوقف الملطق على وضعه وقانونه فى لم يحضن لانقطاعه عما بعده وكان الظاهر أن يضع الميم الدالة على اللازم لان المتبادر الاتصال الموهم معنى فاسدا العله نظر الى ظهور عدم حمل التى لم تحض لصغرها { وأولات الاحمال } واحدتها ذات بمعنى صاحبة والاحمال جمع حمل بالفتح بالفارسية بار. والمراد الحبل اى الثقل المحمول فى الباطن وهو الولد فى البطن والمعنى وذوات الاحمال من النساء والحبالى منهن { اجلهن } اى منتهى عدتهن { أن يضعن حملهن } سوآء كن مطلقات او متوفى عنهن ازواجهن فلو وضعت المرأة حملها اى ولدت وحطت ما فى بطنها يعنى ازبالا بزير آورد.
بعد طلاق الزوج او وفاته بلحظة انقضت عدتها وحلت للازواج فكيف بعد ساعة او يوم او شهر وقد نسخ به عموم قوله تعالى
{ والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن بأنفسهن اربعة اشهر وعشرا } لتراخى نزوله عن ذلك وقد صح ان سبيعة بنت الحارث الاسلمية ولدت بعد وفاة زوجها بليال فذكرت ذلك لرسول الله عليه السلام فقال "قد حللت فتزوجى" { ومن يتق الله } فى شأن احكامه وحقوقه { يجعل له من امره يسرا } اى يسهل عليه امره ويوفقه للخير ويعصمه من لمعاصى والشر بسبب التقوى فمن للبيان قدم على المبين للفواصل او بمعنى فى