التفاسير

< >
عرض

قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ
٢
-التحريم

روح البيان في تفسير القرآن

{ قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } الفرض هنا بمعنى الشرع والتبيين كما دل عليه لكم فان فرض بمعنى اوجب انما يتعدى بعلى والتحلة مصدر حلل بتضعيف العين بمعنى التحليل اصله تحللة كتكرمة وتعلة وتبصرة وتذكرة من كرم وعلل وبصر وذكر بمعنى التكريم والتعليل والتبصير والتذكير الا ان هذا المصدر من الصحيح خارج عن القياس فانه من المعتل اللام نحو سمى تسمية او مهموز اللام مثل جزأ تجزئة والمراد تحليل اليمين كان اليمين عقد والكفارة حل يقال حلل اليمين تحليلا كفرها اى فعل ما يوجب الحنث وتحلل فى يمينه استثنى وقال ان شاء الله وقوله عليه السلام "لا يموت لرجل ثلاث اولاد فتمسه النار الا تحلة القسم" اى قدر ما يقول ان شاء الله كما فى المفردات او قدر ما يبر الله قسمه فيه بقوله { وان منكم الا واردها } قال فى تاج المصدر قوله فعلته تحلة القسم اى لم أفعله الا بقدر ما حللت به يمينى أن لا أفعله ولم ابالغ ثم قيل لكل شئ لم يبالغ فيه تحليل يقال ضربته تحليلا والباب يدل على فتح الشئ ومعنى الكفارة الاطعام والكسوة او العتق او الصوم على ما مر تفصيله فى سورة المائدة ومعنى الآية شرع الله لكم تحليل ايمانكم وبين لكم ما تنحل به عقدتها من الكفارة وهى المرادة ههنا لا الاستثناء اى أن يقول ان شاء الله متصلا حتى لا يحنث فان الاستثناء المتصل ما كان مانعا من انعقاد اليمين جعل كالحل فالتحليل لما عقدته الايمان بالكفارة او بالاستثناء وبالفارسية بدرستى كه بيان كرد خداى تعالى براى شما فرو كشادن سوكند هاى شمارا بكفارت يعنى آنجه بسوكند ببنديد بكفارت توان كشاد.
قال فى الهدايه ومن حرم على نفسه شيأ مما يملكه لم يصر محرما وعليه ان استباحه واقدم عليه كفارة فتحريم الحلال يمين عند أبى حنيفةرحمه الله ويعتبر الانتفاع المقصود فيما يحرمه فاذا حرم طعاما فقد حلف على اكله او أمة فعلى وطئها قال ابن عباس رضى الله عنهما التحريم هو اليمين فلو قال لامرأته أنت على حرام فلو نوى الطلاق طلقت وان نوى اليمين كان يمينا وان أراد الكذب لم يقع شئ وكذا لو حرم طعاما على نفسه ونوى اليمين كان يمينا خلاف للشافعى كما فى عين المعانى وقال بعضهم لم يثبت عن رسول الله عليه السلام انه قال لما احله الله هو حرام على وانما امتنع عن مارية ليمين تقدمت منه وهو قوله والله لا أقربها بعد اليوم فقيل له لم تحرم ما احل الله لك اى لم تمنع منه بسبب اليمين يعنى اقدم على ما حلفت عليه وكفر عن يمينك وظاهر قوله تعالى قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم انه كانت منه بيمين فان قلت هل كفر رسول الله لذلك قلت عن الحسن البصرى قدس سرة انه لم يكفر لانه كان مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وانما هو تعليم للمؤمنين وعن مقاتل انه اعتق رقبة فى تحريم مارية وعاودها لانه لا ينافى كونه مغفورا له أن يكفر فهو والامة سوآء فى الاحكام ظاهرا { والله مولاكم } سيدكم ومتولى اموركم { وهو العليم }بما يصلحكم فيشرعه لكم { الحكيم } المتقن فى أفعاله واحكامه فلا يأمركم ولا ينهاكم الا حسبما تقتضيه الحكمة.