التفاسير

< >
عرض

ءَأَمِنتُمْ مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ٱلأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ
١٦
-الملك

روح البيان في تفسير القرآن

{ ءامنتم } آيا ايمن شديد اى مكذبان. وهو استفهام توبيخ فالهمزة الاولى استفهامية والثانية من نفس الكلمة { من } موصولة { فى السماء } اى الملائكة الموكلين بتدبير هذا العالم او الله سبحانه على تأويل من فى السماء امره وقضاؤه وهو كقوله تعالى { وهو الله فى السموات وفى الارض } وحقيقته ءامنتم خالق السماء ومالكها قال فى الاسئلة خص السماء بالذكر ليعلم ان الاصنام التى فى الارض ليست بآلهة لا لانه تعالى فى جهة من الجهات لان ذلك من صفات الاجسام واراد أنه فوق السماء والارض فوقية القدرة والسلطنة لا فوقية الجهة انتهى على انه لا يلزم من الايمان بالفوقية الجهة فقد ثبت فانظر ماذا ترى وكن مع اهل السنة من الورى كما فى الكبريت الاحمر للامام الشعرانى قدس سره واما رفع الايدى الى السماء فى الدعاء فلكونها محل البركات وقبلة الدعاء كما ان الكعبة قبلة الصلاة وجناب الله تعالى قبلة القلب ويجوز أن تكون الظرفية باعتبار زعم العرب حيث كانوا يزعمون انه تعالى فى السماء اى ءأمنتم من تزعمون انه فى السماء وهو متعال عن المكان وفى فتح الرحمن هذا المحل من المتشابه الذى استأثر الله بعلمه ونؤمن به ولا نتعرض لمعناه ونكل العلم فيه الى الله قوله من فى السماء فى موضع النصب على انه مفعول امنتم { أن يخسف بكم الارض } بعدما جعلها لكم ذلولا تمشون فى مناكبها وتأكلون من رزقه لكفرانكم تلك النعمة اى يقلبها ملتبسة بكم فيغيبكم فيها كما فعل بقارون وهو بدل اشتمال من من اى ءامنتم من فى السماء خسفه والبلاء للملابسة والخسف بزمين قرو بردن.
والخسوف بزمين فروشدن. والمشهور ان الباء فى مثل هذا الموضع للتعدية اى يدخلكم ويذهبكم فيها وبالفارسية فرو برد شمارا بزمين.
قال الجوهرى خسف المكان يخسف خسوفا ذهب فى الارض وخسف الله به الارض خسفا غاب به فيها وفى القاموس ايضا خسف الله بفلان الارض غيبه فيها { فاذا هى } بس آنكاه زمين ابس زفرو بردن شمابوى { تمور } قال فى القاموس المور الاضطراب والجريان على وجه الارض والتحرك اى تضطرب ذهابا ومجيئا على خلاف ما كانت عليه من الذل والاطمئنان وقال بعضهم فاذا الارض تدور بكم الى الارض السفلى وبعضهم تنكشف تارة للخوض فيها وتلتئم اخرى للتعذيب بها.