التفاسير

< >
عرض

أَمْ أَمِنتُمْ مِّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ
١٧
-الملك

روح البيان في تفسير القرآن

{ أم أمنتم } يا ايمن شديد. وهو انتقال الى التهديد بوجه آخر { من فى السماء أن يرسل عليكم حاصبا } اى حجارة من السماء كما ارسلها على قوم لوط واصحاب الفيل اى ام أمنتم من فى السماء ارساله على ان قوله أن يرسل بدل من من ايضا والمعنى هل جعل لكم من هذين امان واذلا امان لكم منهما فمن معنى تماديكم فى شرككم { فستعلمون } عن قريب البتة { كيف نذير } اى انذارى عند مشاهدتكم للمنذر به أهو واقع ام لا أشديد ام ضعيف يعنى حين حققتم المنذر به تعلمون انه لا خلف لخبرى وان عذابى لشديد وانه لا دافع عنه ولكن لا ينفعكم العلم حينئذ فالنذير وكذا النكير الاتى مصدران بمعنى الانذار والانكار واصالهما نذيرى ونكيرى بياء الاضافة فحذفت اكتفاء بكسر ما قبلها قال فى برهان القرءآن خوفهم بالخسف اولا لكونهم على الارض وانها اقرب اليهم من السماء ثم بالحاصب من السماء فلذلك جاء ثانيا.
يقول الفقير أشارت الآية الاولى على ما ألهمت فى جوف الليل الى ان الاستتار تحت اللحاف وعدم النهوض الى الصلاة والمناجاة وقت السحر عقوبة من الله تعالى على اهل الغفلة كالخسف ولذا لما قام بعض العارفين متهجدا فأخذه البرد وبكى من العرى قيل له من قبل الله تعالى اقمناك وانمناهم فتبكى علينا يعنى ان اقامتك وانامة الغافلين نعمة لك ونقمة لهم فاشكر عليها ولا تجزع من العرى فان بلاء العرى اهون من بلاء الغفلة واشارت الآية الثانية الى نزول المطر الشديد من السماء فانه ربما يمنع المتهجد عن القيام والاشتغال بالوضوء والطهارة فيكون غضبا فى صورة الرحمة فعلى العاقل أن لا يضيع الوقت ويغتنم الفراغ قبل الشغل أيقظنا الله واياكم.