التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ
٢٧
-الملك

روح البيان في تفسير القرآن

{ فلما رأوه } الفاء فصيحة معربة عن تقدير جملتين وترييب الشرطية عليهما كأنه قيل وقد أتاهم الموعود فرأوه اى رؤية بصرية فلما رأوه نزل الامر الغير الواقع منزلة الواقع التحققه { زلفة } حال من مفعول رأو الان رأى من رؤية البصر كما اشير اليه آنفا اما بتقدير المضاف الى ذا زلفة وقرب او على انه مصدر بمعنى الفاعل اى مزدلفا وقرب الحشر هو قرب ما اعد لهم فيه { سيئت } بذكردد وزشت شود { وجوه الذين كفروا } بأن غشيتها الكآبة ورهقها القتر والذلة وخص الوجوه بالذكر لان الوجه الذى يظهر عليه اثر المسرة والمساءة ووضع الموصول موضع ضميرهم لذمهم بالكفر وتعليل المساءة به واصل الكلام ساءت رؤية الموعود وجوههم فكانت كوجه من يقاد الى القتل او يعرض على بعض العذاب والسياءة من ساءه الشىء يسوءه سوأ ومساءة نقيض سره كما فى تاج المصادر السوء غمكين كردن.
ثم بنى للمفعول وفى القاموس ساء فعل به ما يكره فيكون متعديا ويجوز ان يكون لازما بمعنى قبح ومنه ساء مثلا وسيئ اذا قبح قال بعض المفسرين واهل اللغة ومنه الآية فالفعل فى الحقيقة مسند الى اصحاب الوجوه بمعنى ساؤوا وقبحوا قال بعضهم المحجوبين مع اعترافهم بالابدآء منكرون للاعادة فلا جرم يسوء وجوههم رؤية ما ينكرونه وتعلوها الكآبة ويأتيهم من العذاب الأليم مالا يدخل تحت الوصف { وقيل } توبيخا لهم وتشديدا لعذابهم بالنار الروحانية قبل الاحراق بالنار الجسمانية والقائلون الزبانية وايراد المجهول لكون المراد بيان المقول لا القائل { هذا } مبتدأ اشير به الى ما رأوه زلفة وخبره قوله { الذى كنتم به تدعون } اى تطلبونه فى الدنيا وتستعجلونه انكارا واستهزآء على انه تفتعلون من الدعاء والباء على هذا صلة الفعل يقال دعا بكذا اذا استدعاه وقيل هو من الدعوى اى كنتم بسبب ذكر النبى عليه السلام والمؤمنين العذاب لكم يوم القيامة تدعون ان لا بعث ولا حشر ولا عذاب فالباء للسببية ويجوز ان تكون للملابسة وعن بعض الزهاد انه تلاها فى اول الليلة فى صلاته فبقى يكررها وهو يبكىالى أن نودى لصلاة الفجر هذه معاملة العارفين جلال الله مع الله عند ملاحظة جبروته وقهره.