التفاسير

< >
عرض

نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ
١
مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ
٢
-القلم

روح البيان في تفسير القرآن

{ ن } اى هذه سورة ن او بحق ن وهى هذه السورة اقسم الله بها على سبيل التأكيد فى اثبات الحكم على ما عليه عادة الخلق مع ما فيه من بيان عظم شأن المقسم به والا فكما انه تعالى لا يليق القسم بشانه العالى فكذا لا يصح لغيره ان يكون مقسما به والنون حرف واحد فى الكتابة وثلاثة احرف فى التلفظ وقد قال عليه السلام "من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله به حسنة والحسنة بعشر امثالها لا اقول الم حرف بل الف حرف ولام حرف وميم حرف" أراد عليه السلام بالحرف ما يتهجى به فيرجى أن يعطى الله بلفظ ن ثلاثين حسنة لانه مشتمل على التلفظ على نونين بينهما واو وقال بعضهم هو مفتاح اسم النور والناصرأ وقسم بنصرة الله المؤمنين اعتبارا بقوله تعالى { وكان حقا علينا نصر المؤمنين } وقال سهل قدس سره النون اسم من اسماء الله تعالى وذلك انه اذا اجتمعت اوائل هذه السور الثلاث الر وحم ون يكون الرحمن وقيل فيه انه اسم من اسماء النبى عليه السلام كما فى التكملة لعل هذه القائل أشار الى قوله عليه السلام "اول ما خلق الله نورى" فيكون النور اسمه عليه السلام فان قلت فيلزم التكرار لان القلم ايضا من اسمائه كما قال اول ما خلق الله القلم قلت التغاير فى العنوان بمنزلة التغاير فى الذات فسمى عليه السلام باعتبار نورانيته نورا وباعتبار انه صاحب القلم قلما كما سمى خالد بن وليد رضى الله عنه سيف الله المسلول لكونه صاحب سيف وقال بعضهم هو لوح من نور أو اسم نهر فى الجنة (وفى المفردات) النون الحوت العظيم ولذا قال عكرمة فى الآية اقسم الله بالحوت الذى لطخ سهم نمرود بدمه لان نمرود لما رمى السهم نحو السماء عاد السهم مختضبا بدم سمكة فى بحر معلق فى الهوآء فأكرم الله ذلك الحوت بأن اقسم به واحل جنسه من غير ذكاة فانه لا يحل الا ميتتان السمك والجراد وفى معناهما ما يستحيل من الاطعمة كدود الفتاح والجبن فان الاحتراز عنهما غير ممكن فاما اذا افردت واكلت فحكمها حكم الذباب والخنفساء والعقرب وكل ما ليس له نفس سائلة ولا سبب فى تحريمه الاستقذار ولو لم يكن لكان لا يكره وان وجد شخص لا يستقذره لا يلتفت الى خصوص طبعه فانه التحق بالخبائت لعموم الاستقذار فيكره اكله كما لو جمع المخاط وشربه كره كما فى الاحياء يقال لو أريد به معنى الحوت كانت المناسبة بين المتعاطفين كما فى ما بين كم الخليفة والف باذنجانه.
يقول الفقير المناسبة بينهما خفية لا يدركها الا اهل الحقائق وهى ان كبد الحوت غذآء اهل الجنة قبل كل شئ فيجدون بعد اكله حياة ابدية فى ابدانهم كما ان القلم يكتب به من العلوم ما فيه حياة باقية لارواحهم ولذا سمى جبريل روحا لانه كان يجيئ بالوحى الذى هو سبب لحياة القلوب والارواح فيكون ن والقلم كالماء والعلم ولا شك فى ثبوت المناسبة التامة بينهما فالقياس الذى ذكره القائل باطل وقائل الباطل جاهل وقال بعضهم هو اسم الحوت الذى احتبس يونس عليه السلام فى بطنه ولذا سماه الله تعالى ذا النون وقال بعضهم هو الحوت الذى على ظهره الارض وهو فى بحر تحت الارض السفلى اسمه ليوثا او يهموت بالياء المثناة التحتانية وفى عين المعانى ليوثا او برهوت كما قال على رضى الله عنه

مالى اراكم كلكم سكوتا واله ربى خلق البرهوتا

(روى) ان الله تعالى لما خلق الارض كانت تتكفأ كما تتكفأ السفينة اى تضطرب وتميل فبعث الله ملكا فهبط حتى دخل تحت الارض فوضعها على كاهله وهو كصاحب ما بين الكتفين ثم اخرج يديه احداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب ثم قبض على الارضين السبع فضبطها فاستقرت فلم يكن لقدمى الملك قرار فأهبط الله ثورا من الجنة له اربعون ألف قرن واربعون الف قائمة فجعل قرار قدمى الملك على سنامه فلم تستقر قدماه على سنامه فبعث الله ياقوتة خضرآء من الجنة غلظها مسيرة كذا الف عام فوضعها على سنام الثور فاستقرت عليها قدما الملك وقرون الثور خارجة من اقطار الارض مشبكة الى تحت العرش ومنخر الثور فى ثقبين من تلك الياقوته الخضرآء تحت البحر فهو يتنفس فى اليوم نفسين فاذا تنفس مد البحر واذا رد النفس جزر البحر وهو ضد مد ولم يكن لقوآئمه قرار فخلق الله كمكاما من الرمل كغلظ سبع سموات وسبع ارضين فاستقر عليه قوآئم الثور ثم لم يكن للمكمكام مستقر فخلق الله حوتا يقال له برهو فوضع الكمكام على وبر الحوت والوبر الجناح الذى يكون فى وسط ظهره وذلك مزمزم بسلسلة من القدرة كغلظ السموات والارض مرار وانتهى ابليس لعنه الله الى ذلك الحوت فقال له ما خلق الله خلقا اعظم منك فلم لا تزيل الدنيا عن ظهرك فهم بشئ من ذلك فسلط الله عليه بقة فى انفه فشغلته وفى رواية بعث الله دابة فدخلت منخره فوصلت الى دماغه فعج الحوت الى الله تعالى منها فاذن لها فخرجت قال كعب فوالله الذى نفسى بيده انه لينظر اليها وانها لتنظر اليه ان هم بشئ من ذلك عادت كما كانت قبل وانبت الله من تلك الياقوته جبل قاف وهو من زمرده وله رأس ووجه واسنان وانبت من جبل قاف الجبال الشواهق كما نبت الشجر من عروق الشجر وزعم وهب ان الحوت والثور يبتلعان من مياه الارض فى البحار فلذلك لا يؤثر فى البحار زيادة فاذا امتلأت اجوافهما من المياءه قامت القيامة وزعم قوم ان الارض على الماء والماء على الصخرة على سنام الثور والثور على كمكام من الرمل متلبدا والكمكام على ظهر الحوت والحوت على الريح العقيم الريح على حجاب من ظلمة والظلمة على الثرى وقد انتهى علم الخلائق الى الثرى ولا يعلم ما ورآء ذلك احد الا الله الذى له ما فى السموات وما فى الارض وما بينهما وما تحت الثرى وهذه الاخبار مما تزيد المرء بصيرة فى دينه وتعظيما لقدرة ربه وتحيرا فى عجائب خلقه فان صحت فما خلقها على الصانع القدير بعزيز وان تكن من اختراع اهل الكتاب وتنميق القصاص فكلها تمثيل وتشبيه ليس بمنكر كذا فى خريدة العجائب (وقال فى كشف الاسرار) بعض مفسران كفتند ما هيست برآب زير هفت طبقه زمين ما هى از كرانئ بار زمين خم درخم كرديد برمثل نون شدشكم بآب فروبرده وسارز مشرق برآورده وذنب از مغرب وخواست كه ازكران بارى بنالد جبريل بانك بروى زد جنان بترسيدكه كران بارئ زمين فراموش كرد وتا بقيامت نياردكه بجنبد ما هى جون بار برداشت ونناليد رب العالمين او را دو تشريف داديكى آنكه بد وقسم ياد كرد محل قسم خداوند جهان كشت ديكر تشريف آنست كه كارد ازحلق او برداشت همه جانور انرا بكارد ذبح كنند واورا نكنند تا عالميان بدانندكه هركه بار كشد رنج او ضايع نكنند اى جوانمرد اكرماهى بار زمين كشيد بنده مؤمن بار امانت مولى كشيدكه وحملها الانسان ما هى كه بار زمين برداشت از كار درعقوبت ابمن كشت جه عجب كه اكر مؤمن بار امانت برداشت از كارد قطيعت ايمن كردد { والقلم } هو ما يكتب به والواو وللقسم على التقدير الاول وللعطف على الثانى والمراد قلم اللوح كما جاء فى الخبران اول ما خلق الله القلم ونظر اليه فانشق بنصفين ثم قال له اجر بما هو كائن الى يوم القيامة فجرى على اللوح المحفوظ بذلك من الآجال والاعمال والارزاق وهو القدر الذى يجب ان يؤمن بخيره وشره ثم ختم على القلم فلم ينطق ولا ينطق الى يوم القيامة وهو قلم من نور طوله كما بين السماء والارض وبعدما خلق القلم خلق النون اى السمكة فدحا الارض عليها فارتفع بخار الماء ففتق منه السموات واضطرب النون فمادت الارض فأثبتت بالجبال وان الجبال لتفخر على الارض الى يوم القيامة وقد عرفت المناسبة بين القلم وبين النون بمعنى السمكة وفى رواية الواحدى فى الوسيط اول جيزى كه خداى تعالى بيا فريد قلم بود بس نون را بيا فريدو آن دو اتست وقلم ازان دوات نوشت آنجه بود وهست وباشدوبرين تقدير خداى تعالى قسم فرمود بدوات بقلم اعلى كه از نورست كما فى تفسير الكاشفى.
وفى القاموس النون من حروف الزيادة والدواة والحوت انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان المراد بالقلم قلم الكرام الكاتبين او جنس القلم اقسم بالله بالدواة والقلم لكثرة منافعهما وعظم فوآئدهما فان التفاهم بالنطق والبيان انما يكون بين الحاضرين واما بالنسبة الى من غاب وبعد من اهل عصر واحد ومن اهل الزمان الآتى فانما يكون بالكتابة كما قال بعضهم البيان اثنان بيان لسان وبيان بنان ومن فضل بيان البنان ان ما تثبته الاقلام باق على الايام وبيان اللسان تدرسه الاعوام ولو لم يكن للقلم مزية سوى كونه آلة لتحرير كتب الله لكفى به فضلا موجبا لتعظيمه ومن تعظيمه تعظيم برايته فتوضع حيث لا تطأها الاقدام والا اورثت الآلام وعن بعض الحكماء قوام امور الدين والدنيا بشيئين القلم والسيف والسيف تحت القلم لولا القلم لما قام دين ولا صلح عيش قال بعضهم.

ان يخدم القلم السيف الذى خضعت له الرقاب ودانت خوفه الامم
كذا قضى الله للاقلام مذبريتان السيوف لها مذأرهفت خدم

وقال بعضهم

اذا اقسم الابطال يوما بسيفهم وعدوه مما يجلب المجد والكرم
كفى قلم الكتاب فخرا ورفعة مدى الدهران الله اقسم بالقلم

{ وما يسطرون } ما موصولة والعائد محذوف والسطر الصف من الكتابة ومن الشجر المغروس ومن القوم الوقوف وسطر فلان كذا اى كتبه سطرا سطرا وضمير الجمع لاصحاب القلم المدلول عليه بذكره والمعنى بالفارسية وديكر سوكند ياد فرمود بآنجه اصحاب قلم از آسمانيان وزمنينيان مى نويسند از كتاب وكلام درتبيان از ابن هيضمرحمه الله نقل فرمودكه نون دهنست وقلم زبان وما يسطرون آنجه حفظه بربنده مى نويسند حق تعالى بدينها سوكند فرموده.
قال بعض العارفين النون نون الذات والقلم قلم الصفات وما يسطرون هى الافعال والشؤون الالهية يكتبونها على لوح القدرة والارادة حرفا حرفا.
يقول الفقير فيه اشارة الى ان نون الجمع الذاتى اى دواته وهو أصل كتاب الوجود الذى هو ام الكتاب سمى بالنون لكونه مجتمع مداد مواد نقوش العالم وان شئت قلت الى نون النقطة التى هى مرتبة الاحدية وقد كان الامام على رضى الله عنه يقول فى خطبته على رؤوس الاشهاد انا نقطة باء بسم الله الذى فرطتم فيه أنا القلم وأنا اللوح المحفوظ وانا العرش وأنا الكرسى وانا السموات السبع والارضون فاذا صحا وارتفع عنه تجلى الوحدة اثناء الخطبة يشرع معتذرا ويقر بعبوديته وضعفه وانقهاره تحت الاحكام الالهية وفى التأويلات النجمية يشير بكلمة ن الى العلم الاجمالى المندمج فى الاحدية الذاتية الجمعية وبالقلم الى العلم التفصيلى فى الوحدة الاسمائية وانما نسبنا الاجمالى الروحى الى ن والتفصيلى القلبى الى القلم لان هذه الدواة مشتملة بما فى بطنها على جميع الحروف المجردة والكلمات المركبة اشتمال النواة على الشجرة واندماج الشجرة المفصلة فى النواة المجملة فبالقلم يسطر على لوح القلب بالتفصيل كل ما هو فى ضمير الدواة بالاجمال فاذا فهمت المقصود فاعلم ان الله تعالى اقسم بعلمه الاجمالى الكائن فى الاحدية وبعلمه التفصيلى الثابت فى الواحدية وبالتحقيق أقسم بأحدية ذاته المطلقة وبواحدية اسمائه الجمعية اذ العلم من حيث هو عين ذاته واقسم اذا بكل ما سطر قلمه الكريم من دواته القديم من الحروف الالهية المجردة العلوية والكلمات الربانية المركبة السفلية انتهى كما قال بعض الكبار فى بيان حروف كتاب الوجود الظلى وكلماته وآياته وسوره ان الشؤون الغيبية حروفه العاليات والاعيان الثابتة العلمية كلماته التامات والحقائق الارواحية والمثالية آياته المتعاليات والصور الحسية العينية سورة الكاملات واما كتاب الوجود الحقيقى فحروفه المجردة الاسماء الذاتية الاحدية وكلماته الاسماء الصفاتية الواحدية وآياته الاسماء الافعاليته الواحدية وصوره الاسماء الاثارية المظهرية وكل منها كتاب مبين انتهى وهكذا قال بعض الكبار القلم علم التفصيل والنون علم الاجمال وتلك الحروف التى هى مظاهر تفصيل القلم مجملة فى مداد الدواة ولا تقبل التفصيل ما دامت فيها فاذا انتقل المداد منها الى القلم تفصلت الحروف به فى اللوح وتفصل العلم بها لا الى غاية واما الاجمال المعبر عنه بالنون فان النون فى الرقم نصف دآئرة محسوسة ونصف دآئرة معقولة تشعر نقطتها فى الوسط بكونه مراد التتميم الدآئرة الذاتية التى هى ظرف مداد الوجود ولذلك كان من الحروف الدورية عكسه كطرده فان النصف المحسوس ظرف مداد عالم الخلق والنف المعقول ظرف مداد عالم الامر والخط الفاصل بينهما وهو خط ألف قام بين تدوير النونين برزخ جامع وهو مستوى الصحف الالهية والكتب المتفرقة من حيطة الكتاب المحيط بالمحيطات المقول فيه ما فر طنا فى الكتاب من شئ وهو كتاب ينطوى على العلوم الجمة المنطوى عليها ايضا مداد النون وتشتمل على مائة واربع عشرة سورة كما اشتمل النون على عدد يطابقها فان النونين والواو والالف الذى انتهى اليه اسم النون مائة وثلاثة عشر وكون مسماه حرفا واحدا متمم الرابعة عشر فاعلم ذلك فانه دقيق قل أن تجده فى كلام احد انتهى وقال القاشانى ن هو النفس الكلية والقلم هو العقل الكلى والاول من باب الكناية بالاكتفاءة من الكلمه باول حروفها والثانى من باب التشبيه اذ تنتقش فى النفس صور الموت جودات بتأثير العقلى كما تنتقش الصور فى اللوح بالقلم وما يسطرون من صور الاشياء وما هياتها واحوالها المقدرة على ما تقع عليه وفاعل ما يسطرون الكتبة من العقول المتوسطة والارواح المقدسة وان كان الكاتب فى الحقيقة هو الله تعالى لكن لما كان فى حضرة الاسماء نسب اليها مجازا اقسم بهما وبما يصدر عنهما من مبادى الوجود وصور التقدير الالهى وبمدأ امره ومخزن غيره لشرفهما وكونهما مشتملين على كل الوجود فى اول مرتبة التأثير والتأثر ولمناسبتهما للمقسم عليه وهو قوله { ما انت بنعمة ربك بمجنون } جواب القسم والباء متعلقة بمضمر هو حال من الضمير فى خبر ما وهو مجنون والعامل فيها معنى النفى والجنون حائل بين النفس والعقل وجن فلان اى أصابه الجن او اصاب جنانه او حيل بين نفسه وعقله فجن عقله ذلك كأنه قيل انتفى عنك الجنون يا محمد وأنت بريئ منه ملتبسا بنعمة الله التى هى النبوة والرياسة العامة والمراد تنزيهه عليه السلام عما كانوا بنسبونه عليه السلام اليه من الجنون حسدا وعداوة ومكابرة مع جزمهم بأنه عليه السلام فى غاية الغايات من حصافة العقل ورزانة الرأى قال ابوحيان قوله بنعمة ربك قسم اعترض به بين المحكوم عليه والحكم على سبيل التأكيد والتشديد والمبالغة فى انتفاء الوصف الذميم عنه عليه السلام وذهب الى القسم ايضا حضرة الشيخ نجم الدين فى تأويلاته روى انه عليه السلام غاب عن خديجة رضى الله عنها الى حرآء فلم تجده فاذا هو قد طلع ووجهه متغير بلا غبار فقال له مالك فذكر نزول جبرآئيل عليه السلام وانه قال له اقرأ باسم ربك فهو اول ما نزل من القرءآن قال ثم نزل بى الى قرار الارض فتوضأ وتوضات ثم صلى وصليت معه ركعتين وقال هكذا الصلاة يا محمد فذكر عليه السلام ذلك لخديجة فذهبت خديجة الى ورقة بن نوفل وهو ابن عمها وكان قد حالف دين قريش ودخل فى النصرانية فسألته قال ارسلنى الى محمد فأرسلته فأتاه فقال هل امرك جبرآئيل ان تدعو احد فقال لا فقال والله لئن بقيت الى دعوتك لأنصرنك نصرا عزيزا ثم مات قبل دعاء الرسول عليه السلام ووقعت تلك الواقعة فى ألسنة كفار قريش فقالوا انه مجنون فأقسم الله تعالى على انه ليس بمجنون وهو خمس آيات من اول هذه السورة قال ابن عباس رضى الله عنهما اول ما نزل قوله سبح اسم ربك وهذه الآية هى الثانية وفى التأويلات النجمية ما انت بنعمة ربك بمستور عما كان من الازل وما سيكون الى الأبد لان الجن هو الستر وما سمى الجن جنا الا لاستتاره من الانس بل انت عالم بما كان خبير بما سيكون ويدل على احاطة علمه قوله عليه السلام فوضع كفه على كتفى فوجدت بردها بين ثديى فعلمت ما كان وما سيكون قال الامام القشيرى قدس سره فى شرح الاسماء الحسنى نصرة الحق لعبده اتم من نصرة العبد لنفسه قال تعالى لنبيه عليه السلام ولقد نعلم انك يضيق صدرك بما يقولون ثم انظر بما ذا سلاه وبأى شئ خفيف عليه تحمل اثقال الأذى حيث قال فسبح بحمد ربك يعنى اذا تأذيت بسماع السوءة فيك منهم فاسترح بروح ثنائك علينا ولذة التنزيه والذكر لنا فان ذلك يريحك ويشغلك عنهم ثم انه عليه السلام لما قبل هذه النصيحة وامتثل بأمر ربه تولى نصرته والرد عنه فلما قيل انه مجنون اقسم على نفى ذلك بقوله ن والقلم الخ تحقيقا لتنزيهه لما اشتغل عنهم بتنزيه ربه ثم عاب الله القادح فيه بالجنون بعشر خصال ذميمة بقوله
{ ولا تطع كل حلاف مهين } الى قوله { اساطير الاولين } وكان رد الله عنه وذبه اتم من رده عن نفسه حيث كان من جملة القرءآن باقيا على الألسنة الى يوم القيامة.