التفاسير

< >
عرض

خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمْ سَٰلِمُونَ
٤٣
-القلم

روح البيان في تفسير القرآن

{ خاشعة ابصارهم } حال من مرفوع يدعون على ان ابصارهم مرتفع به على الفاعلية ونسبة الخشوع الى الابصار لظهور اثره فيها والا فالاعضاء ايضا خاشعة ذليلة متواضعه بل الخاشع فى الحقيقه هو القلب لكونه مبدأ الخشوع (وقال الكاشفى) يعنى خداوندان ابصار سر دربيش افكنده وشر منده باشد.
قال ابو الليث وذلك ان المسلمين اذا رفعوا رؤوسهم من السجود صارت بيضاء كالثلج فيما نظر اليهم اليهود والنصارى والمنافقون وهم الذين لم يقدروا على السجود حزنوا واغتموا واسودت وجوههم كما قال تعالى { ترهقهم } تلحقهم وتغشاهم فان الرهق غشيان الشئ الشئ { ذلة } شديدة تخزيهم كأنه تفسير لخشوع ابصارهم يقال ذل يذل ذلا بالضم وذلة بالكسر وهو ذليل يعنى خوار { وقد كانوا } فى الدنيا { يدعون } دعوة التكليف { الى السجود } اى اليه والاظهار فى الموضع الاضمار لزيادة التقرير او لان المراد به الصلاة او ما فيها من السجود وخص السجود بالذكر من حيث انه اعظم الطاعات قال بعضهم يدعون بدعوة الله صريحا مثل قوله تعالى
{ فاسجدوا لله واعبدوا } او ضمنا مثل قوله تعالى { اقيموا الصلاة } فان الدعوة الى الصلاة دعوة الى السجدة وبدعوة رسول الله عليه السلام صريحا كقوله عليه السلام "اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فاكثروا الدعاء" قالوا اى السجود او ضمنا كقوله عليه عليه السلام "صلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة اموالكم واطيعوا اذا امركم تدخلوا جنة ربكم" وبدعوة علماء كل عصر ومن اعظم الدعوة الى السجود اذان المؤذنين واقامتهم فان قولهم حى على الصلاة دعوة بلا مرية فطوبى لمن اجاب دعوتهم بطوع لا باكراه امتثالا لقوله تعالى اجيبوا داعى الله والجملة حال من ضمير يدعون { وهم سالمون } حال من مرفوع يدعون الثانى اى اصحاء فى الدنيا سلمت اعضاؤهم ومفاصلهم من الآفات والعلل متمكنون من ادآء السجدة وقبول الدعوة اقوى تمكن اى فلا يجيبون اليه ويابونه وانما ترك ذكره ثقة بظهوره وبالفارسية وايشان تندرست بودند وقادر بران جون فرصت فوت كردند درين روز جز حسرت وندامت بهره ندارند

مده فرصت از دست كر بايدت كه كوى سعادت زميدان برى
كه فرصت عزييزست جون فوت شد بسى دست حسرت بدندان برى

وفى الآية وعيد لمن ترك الصلاة المفروضة او تخلف عن الجماعة المشروعة قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ادع الله أن يرزقنى مرافقتك فى الجنة فقال اعنى بكثرة السجود وكان السلف يعزون انفسهم ثلاثة ايام اذا فاتهم التكبير الاول وسبعة اذا فاتهم الجماعة قال ابو سليمان الدارانى قدس سره أقمت عشرين سنة ولم أحتلم فدخلت مكة فأحدثت بها حدثا فما اصبحت الا احتلمت وكان الحدث ان فاتته صلاة العشاء بجماعة وقال الشيخ ابو طالب المكى قدس سره فى قوت القلوب ولا بد من صلاة الجماعة سيما اذا سمع التأذين او كان فى جوار المسجد وحد الجوار أن يكون بينه وبين المسجد مائة دار واولى المساجد التى يصلى فيها اقربها اليه الا أن يكون له نية فى الا بعد لكثرة الخطى او لفضل امام فيه فالصلاة خلف العالم الفاضل افضل او يريد اى يعمر بيتا من بيوت الله بالصلاة فيه وان بعد وقال سعيد ابن المسيبرحمه الله من صلى الخمس فى جماعة فقد ملأ البر والبحر عبادة وقال ابو الدردآء رضى الله عنه حالفا بالله تعالى من احب الاعمال الى الله ثلاثة امر بصدقة وخطوة الى صلاة جماعة واصلاح بين الناس وفى الآية اشارة الى انه يرفع الحجاب ويبقى المحجوبون فى حجاب انا نيتهم ويشتد عليهم الامر ويدعون الى الفناء فى الله فلا يستطيعون لافساد استعدادهم الفطرى بالركون الى الدنيا وشهواتها ذليلة ابصارهم متحيرة لذهاب قوتها النورية تلحقهم ذلة الحجاب وهو ان الاحتجاب وقد كانوا فى زمان استعدادهم يدعون الى سجود الفناء بترك اللذات والشهوات وهم نائمون فى نوم الغفلة لا يرفعون له رأسا الفساد استعداد مزاجهم بالعلل النفسانية والامراض الهيولانيه.