التفاسير

< >
عرض

فَٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ
٥٠
-القلم

روح البيان في تفسير القرآن

{ فاجتباه ربه } عطف على مقدراى فتداركته نعمة ورحمة من ربه فجمعه اليه وقربه بالتوبة عليه بأن در اليه الوحى وارسله الى مائة ألف او يزيدون يقال جبيت الماء فى الحوض جمعته والحوض الجامع له جابيه والاجتباء الجمع على طريق الاصطفاء وقيل اجتنباه ان صح انه لم يكون نبيا قبل هذه الواقعة ومن انكر الكرامات والارهاص لا بد ان يختار القول الاول لان احتباسه فى بطن الحوت وعدم موته هناك لما لم يكون ارهاصا ولا كرامة لا بد أن يكون معجزة وذلك يقتضى ان يكون رسولا قبل هذه الواقعة { فجعله من الصالحين } من الكاملين فى الصلاح بأن عصمه من ان يفعل فعلا يكون تركه اولى روى انها نزلت بأحد حين هم رسول الله عليه السلام ان يدعو على المنهزمين فتكون الآية مدينة وقيل حين اراد أن يدعو على ثقيف.
حق تعالى فرمودكه صبركن وآن دعا در توقف داركه كارها بصبر نيكوشود

كارها ازصبر كردد دلبسند خرم آن كزصبرباشد بهره مند
جون درافتادى بكر داب حرج صبركن ولاصبر مفتاح الفرج

دلت الآيات على فضيلة الصبر وعلى ان ترك الاولى يصدر من الانبياء عليهم السلام والا لما كان يونس عليه السلام مليما وعلى ان الندم على ما فرط من العبد والتضرع الى الله لذلك من وسائل الاكرام وعلى ان توفيق الله نعمة باطنة منه وعلى ان الصلاح درجة عالية لا ينالها الا اهل الاجتباء وعلى ان فعل العبد مخلوق لله لدلالة قوله فجعله من الصالحين على ان الصلاح انما يكون بجعل الله وخلقه وان كان للعبد مدخل فيه بسبب الكسب بصرف ارادته الجزئية والمعتزلة يأولونه تارة بالاخبار بصلاحه وتارة باللطف له حتى صلح لكنه مجاز والاصل هو الحقيقة.