التفاسير

< >
عرض

كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ
٢٤
-الحاقة

روح البيان في تفسير القرآن

{ كلوا واشربوا } باضمار القول والجمع بعد قوله فهو باعتبار المعنى والامر امر امتنان واباحة لا امر تكليف ضرورة ان الآخرة ليست بدارتكليف وجمع بين الاكل والشرب لان احدهما شقيق الآخر فلا ينفك عنه ولذا لم يذكر هنا الملابس وان ذكرت فى موضع آخر يقال لمن اوتى كتابه بيمينه كلوا من طعام الجنة وثمارها واشربوا من شرابها مطلقا { هنيئا } اكلا وشربا هنيئا اى سائغا لا تنغيص فيه فى الحلقوم وبالفارسية خوردنى وآشاميدنى كوارنده. وجعل الهنيئ صفة لهما لان المصدر يتناول المثنى ايضا من هنؤ الطعام والشراب وهنئ يهنأ ويهنؤ ويهنئ هناءة وهناء اى صار هنيئا سائغا فهو هنيئ ومنه اليهنئ المشتهر فى اللسان التركى فى اللحم المطبوخ ويستعمله العجم فالخاء المعجمة بدل الهاء كما قال فى المثنوى

وين بزاز بهرميان روزرا يخنئ باشدشه فيروزرا

واسناد الهناءة الى الاكل والشرب مجاز للمبالغة لانها للمأكول والمشروب وقولهم هنيئا عند شرب الماء ونحوه بمعنى صحة وعافية لان السائغ محظوظ منه بسبب الصحة والعافية غالبا { بما اسلفتم } بمقابلة ما قدمتم من الاعمال الصالحة او بدله او بسببه ومعنىالاسلاف فى اللغة تقديم ما ترجو أن يعود عليك بخير فهو كالاقراض ومنه يقال اسلف فى كذا اذا قدم فيه ماله { فى الايام الخالية } اى الماضية فى الدنيا وعن مجاهد ايام الصيام فيكون المعنى كلوا واشربوا بدل ما امسكتم عن الاكل والشرب لوجه الله فى ايام الصيام لا سيما فى الايام ا لحارة وهو الاولى لان الجزآء لا بدوان يكون من جنس العمل وملائما له كما قال بعض الكبار لم يقل اشهدوا ولا اسمعوا وانما جوزوا من حيث عملوا ونظيره فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وقوله ان تسخروا منافانا نسخر منكم ونظائر ذلك ورؤى بعضهم فى المنام فقيل له ما فعل الله بك فقال رحمنى وقال كل يا من لم يأكل واشرب يا من لم يشرب فلم يقل كل يا من قطع الليل تلاوة واشرب يا من ثبت يوم الزحف فان هذا ما لا تعطيه الحكمة كما فى مواقع النجوم (وروى) يقول الله يا اوليائى طالما نظرت اليكم فى الدنيا وقد قلصت شفاهكم عن الاشربة وغارت اعينكم وخمصت بطونكم فكونوا اليوم فى نعيمكم وكلوا واشربوا هنيئا بما اسفلتم فى الايام الخالية.
قوله قلصت من الباب الثانى يقال قلص الظل اى نقص والماء اى ارتفع فى البئر والشفة اى انزوت والثوب اى انزوى بعد الغسل ومصدر الجميع القلوص والتركيب يدل على انضمام شئ بعضه الى بعض وخمصه الجوع خمصا ومخمصة من الباب الاول يعنى باريك ميان كرد ويرا كرسنكى.
وفيه اشارةالى ايام الازل الخالية عن الاعمال والعلل والاسباب اى كلوا من نعيم الوصال واشربوا من شراب الفيض بما اسلفه الله لكم فى الازل والقدم من العناية اذ بتلك العناية قمتم مع الحق فى جميع الاحوال.

جون حسن عاقبت نه برندى وزاهديست آن به كه كارخود بعنايت رها كنند