التفاسير

< >
عرض

فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ
٣٨
وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ
٣٩
-الحاقة

روح البيان في تفسير القرآن

{ فلا اقسم } اى فأقسم على ان لا مزيدة للتأكيد واما حمله على معنى نفى الاقسام لظهور الامر واستغنائه عن التحقيق بالقسم فيرده تعيين المقسم به بقوله بما الخ وقال بعضهم هو جملتان والتقدير وما قاله المكذبون فلا يصح اذ هو قول باطل ثم قال اقسم { بما تبصرون وما لا تبصرون } قسم عظيم لانه قسم بالاشياء كلها على سبيل الشمول والاحاطة لانها لا تخرج عن قسمين مبصر وغير مبصر فالمبصر المشاهدات وغير المبصر المغيبات فدخل فيهما الدنيا والآخرة والاجسام والارواح والانس والجن والخلق والخالق والنعم الظاهرة والباطنة وغير ذلك مما يكون لائقا بأن يكون مقسما به اذ من الاشياء ما لا يليق بأن يكون مقسما به واليه الاشارة بقول القاشانى اى الوجود كله ظاهرا وباطنا وبقول ابن عطاء آثار القدرة واسرارها وبقول الشيخ نجم الدين بما تبصرون من المشهودات والمحسوسات بابصار الظواهر ومالا تبصرون من المغيبات ببصائر البواطن يعنى بالمظاهر الاسمائية والمظاهر الذاتية وبقول الحسين اى بما اظهر الله لملائكته والقلم واللوح وبما اختزن فى علمه ولم يجر القلم به ولم تشعر الملائكة بذلك وما اظهر الله للخلق من صفاته وأراهم من صنعه وأبدى لهم من علمه فى جنب ما اختزن عنهم الا كذرة فى جنب الدنيا والآخرة ولو أظهر الله ما اختزن لذابت الخلائق عن آخرهم فضلا عن حمله وقال الشيخ أبو طالب المكى قدس سره فى قوت القلوب اذا كان العبد من اهل العلم بالله والفهم عنه والسمع منه والمشاهدة له شهد ما غاب عن غيره وابصر ما عمى عنه سواء كما قال تعالى { فلا اقسم بما تبصرون وما لا تبصرون }.