التفاسير

< >
عرض

تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْكَٰفِرِينَ
١٠١
-الأعراف

روح البيان في تفسير القرآن

{ تلك القرى } يعنى قرى الامم المار ذكرهم فاللام للعهد { نقص عليك } [خوانده ايم برتو] { من أنبائها } من للتبعيض اى بعض اخبارها التى فيها عظة وتذكير { ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات } الباء متعلقة اما بالفعل المذكور على انها للتعدية واما بمحذوف وقع حالا من فاعله اى ملتبسين بالبينات. والمعنى وبالله لقد جاء كل امة من تلك الامم المهلكة رسولهم الخاص بهم بالمعجزات البينة المتكثرة المتواردة عليهم الواضحة الدلالة على صحة رسالته الموجبة للايمان حتما { فما كانوا ليؤمنوا } اى فما صح وما استقام لقوم من اولئك الاقوام ان يؤمنوا عند مجيء الرسل بها { بما كذبوا من قبل } الباء صلة لم يؤمنوا اى بما كذبوه من قبل مجيئ الرسل بل كانوا مستمرين على التكذيب فما كذبوه عبارة عن اصول الشرائع التى اجمعت عليها الرسل بل كانوا مستمرين على التكذيب فما كذبوه عبارة عن اصول الشرائع التى اجمعت عليها الرسل قاطبة ودعوا أممهم اليها مثل ملة التوحيد ولوازمها ومعنى تكذيبهم بها قبل مجيء رسلهم انهم ما كانوا فى زمن الجاهلية بحيث لم يسمعوا كلمة التوحيد قط بل كانت كل امة من اولئك الامم يتسامعون بها من بقايا من قبلهم فيكذبونها ثم كانت حالتهم بعد مجيء رسلهم كحالتهم قبل ذلك كان لم يبعث اليهم احد ويجوز ان يكون المراد بعدم ايمانهم المذكور اصرارهم على ذلك وبما اشير بقوله تعالى بما كذبوا من قبل تكذيبهم من لدن مجيء الرسل الى وقت الاصرار والعناد. فالمعنى حينئذ فما كانوا ليؤمنوا مدة عمرهم بما كذبوا به اولا حين جاءتهم الرسل ولم تؤثر فيهم قط دعوتهم المتطاولة والآيات المتتابعة فما كذبوه عبارة عن جميع الشرائع التى جاء بها كل رسول اصولها وفروعها وعلى كلا التقديرين فالضمائر الثلاثة متوافقة فى المرجع. وقيل ضمير كذبوا راجع الى اسلافهم. والمعنى فما كان الابناء ليؤمنوا بما كذب به الآباء وحمله المولى ابو السعود على التعسف.
يقول الفقير لو كانت الضمائر الثلاثة متوافقة فى المرجع ايضا وجعل التكذيب تكذيب الآباء فى الحقيقة وانما اسند الى الابناء ما حقه ان ينسب اليهم من حيث الاتصال بينهم ورضى بعضهم عن بعض فيما فعله لكان معنى لا تعسف فيه اصلا كما سبق امثاله فى البقرة فى مخاطبات اليهود المعاصرين الى رسول الله صلى الله عليه وسلم { كذلك } فى محل النصب على انه مفعول { يطبع } اى مثل ذلك الطبع الشديد المحكم يطبع { الله على قلوب الكافرين } اى من المذكورين وغيرهم فلا يكاد يؤثر فيها الآيات والنذر ويجوز ان يكون اشارة الى ما قبله أى مثل ذلك الطبع الذى طبع الله على قلوب كفار الامم الخالية يطبع على قلوب الكفرة الذين كتب عليهم ان لا يؤمنوا ابدا.