التفاسير

< >
عرض

فَٱنْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ
١٣٦
-الأعراف

روح البيان في تفسير القرآن

{ فانتقمنا منهم } الفاء لسببية النكث للانتقام والعقاب واريد بالانتقام نتيجته وهو الاهلاك ومثله الغضب لان التشفى فى حقه تعالى محال.
قال ابن الشيخ الانتقام العقاب الواقع على مجازاة السيئة بالسيئة وانما اسند الانتقام الى ذاته الانبياء وكمل الاولياء كانوا فانين عما سوى الله باقين بالله فكان الله خليفتهم فى اخذ الانتقام من اعدائهم. والمعنى فاردنا الانتقام منهم اى من فرعون وقومه لما اسلفوا من المعاصى والجرائم فانه قوله تعالى { فاغرقناهم } عين الانتقام منهم فلا يصح دخول الفاء بينهما فاطلق اسم المسبب على السبب تنبيها على ان الانتقام لم ينفك عن الارادة ويجوز ان يكون المراد مطلق الانتقام. والفاء تفسيرية كما فى قوله تعالى
{ { ونادى نوح ربه فقال رب } [هود: 45].
الخ { فى اليم } اى فى البحر الذى لا يدرك قعره او فى لجته ولجة البحر معظم مائه.
قال الحدادى فى اليم اى فى البحر لبسان العبرانية وهى لغة اليهود
وفى التفسير الفارسى { فى اليم } [در درياى قلزم بنزديك مصر] وذلك ان الله تعالى امر موسى ان يخرج ببنى اسرائيل فاستعار نسوة بنى اسرائيل من نساء آل فرعون حليهم وقلن ان لنا خروجا الى عيد فخرج ببنى اسرائيل فى اول الليل وهم ستمائة الف من رجل وامرأة وصبى فبلغ الخبر فرعون فركب ومعه الف الف ومائتا الف فادركهم فرعون حين طلعت الشمس وانتهى موسى الى البحر فضرب البحر فانفلق اثنى عشر طريقا وكانت بنو اسرائيل اثنى عشر سبطا فعبر كل سبط طريقا فاقبل فرعون ومن معه فدخلوا بعدهم من حيث دخلوا فلما صاروا جميعا فى البحر امر الله البحر فالتطم عليهم فغرقوا { بانهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين } تعليل للاغراق اى كان اغراقهم بسبب تكذيبهم بالآيات التسع التى جاء بها موسى واعراضهم عنها وعدم تفكرهم فيها بحيث صاروا كالغافلين عنها بالكلية والفاء وان دلت على ترتيب الاغراق على ما قبله من النكث لكنه صرح بالتعليل ايذانا بان مدار جميع ذلك تكذيب آيات الله والاعراض عنها ليكون ذلك مزجرة للسامعين عن تكذيب الآيات الظاهرة على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم والاعراض عنها.