التفاسير

< >
عرض

وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ
١٥٩
-الأعراف

روح البيان في تفسير القرآن

{ ومن قوم موسى } لما ذكر الله تعالى عبدة العجل ومن قالوا { { لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة } [البقرة: 55].
وهم الاشقياء اتبع ذكرهم بذكر اضدادهم السعداء فالمراد بالقوم بنوا اسرائيل الموجودن فى زمن موسى عليه السلام { امة } اى جماعة { يهدون } [راه مينمايندخلق را] فالمفعول محذوف { بالحق } ملتبسين به اى محقين { وبه } اى بالحق { ويعدلون } اى فى الاحكام الجارية بينهم وصيغة المضارع فى الفعلين لحكاية الحال الماضية والاشهر ان المراد بهذه الامة قوم وراء الصين باقصى المشرق وذلك بان بنى اسرائيل لما بالغوا فى العتو والطغيان بعد وفاة موسى ووفاة خليفة يوشع حتى اجترأوا على قتل انبيائهم ووقع الهرج والمرج تبرأ سبط منهم مما صنعوا واعتذروا وسألوا الله تعالى ان يفرق بينهم وبين اولئك الطاغين ففتح الله لهم وهم فى بيت المقدس نفقا فى الارض وجعل امامهم المصابيح لتضئ لهم بالنهار فاذا امسوا اظلم عليهم النفق فنزلوا فاذا اصبحوا اضاءت لهم المصابيح فساروا ومعهم نهر من ماء يجرى واجرى الله تعالى عليهم ارزاقهم فساروا فيه على هذا الوجه سنة ونصف سنة حتى خرجوا من وراء الصين الى ارض باقصى المشرق طاهرة طيبة فنزلوها وهم مختلطون بالسباع والوحوش والهوام لا يضر بعضهم وهم متمسكون بالتوراة مشتاقون الى الاسلام لا يعصون الله تعالى طرفة عين تصافحهم الملائكة وهم فى منقطع من الارض لا يصل اليهم احد منا ولا احد منهم الينا اما لان بين الصين وبينهم واديا جاريا من رمل فيمنع الناس من اتيانهم كما قال ابن عباس رضى الله عنهما او نهرا من شهد كما قال السدى وانهم كبنى اب واحد ليس لاحد منهم مال دون صاحبه يمطرون بالليل ويضحون بالنهار ويزرعون ويحصدون جميعا فيضعون الحاصل فى اماكن من القرية فيأخذ كل رجل منهم قدر حاجته ويدع الباقى
"- روى - ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبرائيل ليلة المعراج انى احب ان ارى القوم الذين اثنى الله عليهم بقوله { ومن قوم موسى أمة } الآية فقال ان بينك وبينهم مسيرة ست سنين ذهابا وست سنين ايابا ولكن سل ربك حتى يأذن لك فدعا النبى عليه السلام وامن جبريل فاوحى الله تعالى الى جبريل انه اجيب الى ما سأل فركب البراق فخطا خطوات فاذا هو بين اظهر القوم فسلم عليهم وردوا عليه سلامه وسألوه من انت فقال انا النبى الامى قالوا انت الذى بشر بك موسى عليه السلام واوصانا بان قال لنا من ادرك منكم احمد عليه الصلاة والسلام فليقرأ عليه منى السلام فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم على موسى سلامه وقالوا فمن معك قال أو ترون قالوا نعم قال هو جبريل قال فرأيت قبورهم على ابواب دورهم فقلت فلم ذلك قالوا اجدر ان نذكر الموت صباحا ومساء فقال ارى بنيانكم مستويا قالوا ذلك لئلا يشرف بعضنا على بعض ولئلا يسد احد على احد الريح والهواء قال فمالى لا ارى لكم قاضيا ولا سلطانا قالوا انصف بعضنا بعضا واعطينا الحق فلم نحتج الى قاض ينصف بيننا قال فمالى ارى اسواقكم خالية وقالوا نزرع جميعا ونحصد جميعا ونحصد جميعا فيأخذ كل احد منا وما يكفيه ويدع الباقى لاخيه فلا نحتاج الى مراجعة الاسواق قال فمالى ارى هؤلاء القوم يضحكون قالوا مات لهم ميت فيضحكون سرورا بما قبضه الله على التوحيد قال فما لهؤلاء القوم يبكون قالوا ولد لهم مولود فهم لا يدرون على أى دين يقبض فيغتمون لذلك قال فاذا ولد لكم ذكر فماذا تصنعون قالوا نصوم لله شكرا شهرا قال فالانثى قالوا نصوم لله شكرا شهرين قال ولم قالوا لان موسى عليه السلام اخبرنا ان الصبر على الانثى اعظم اجرا من الصبر على الذكر قال أفتزنون قالوا وهل يفعل ذلك احد لو فعل ذلك احد لحصبته السماء وخسفت به الارض من تحته قال أفترابون قالوا انما يرابى من لا يؤمن برزق الله قال أفتمرضون قالوا لا نمرض ولا نذنب أنما تذنب امتك فيمرضون ليكون ذلك كفارة لذنوبهم قال هل فى ارضكم سباع وهوام قالوا نعم تمر بنا ونمر بها ولا تؤذينا ولا نؤذيها فعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم شريعته والصلوات الخمس عليهم وعلمهم الفاتحة وسورا من القرآن.
قال الحدادى اقرأهم عشر سور من القرآن نزلت بمكة ولم يكن يؤمئذ نزلت فريضة غير الصلاة والزكاة فامرهم بالصلاة والزكاة وان يتركوا تحريم السبت ويجمعوا وامرهم ان يقيموا مكانهم فهم اليوم هناك حنفاء مسلمون مستقبلون قبلتنا"
.
يقول الفقير التجميع وهو بالفارسى [نمار آذينه آمدن وكزاردن آن] انما شرع بعد الهجرة فتناقض اول الكلام مع آخره وكذا امر القبلة ولعل النبى عليه السلام علمهم اولا ما نزل بمكة من الشرائع والاحكام ثم اكمل لهم الدعوة بطريق آخر فان المعراج بالروح والجسد معاوان حصل له عليه السلام مرة واحدة بمكة وفى ليلته فرضت الصلاة على ما عليه الكل الا انه عليه السلام كان يصل جسده الشريف فى لمحة الى حيث يصل اليه بصره وكان عنده القريب والبعيد على السواء هذا ما خطر بالضمير بعد ما رأيت من اهل التفسير ما يتنافى الاول منه بالاخير والله هو العليم الخبير.
والاشارة فى الآية { ومن قوم موسى امة يهدون بالحق } يعنى خواصهم يهدون بالحق يرشدون الخلق بالكتاب المنزل بالحق على موسى عليه السلام { وبه يعدلون } اى به يحكمون بين العوام او شتان بين امة امية بلغوا اعلى مراتب الروحانية بالسير فى متابعة النبى الامى ثم اختطفوا عن انانية روحانيتهم بجذباب انوار المتابعة الى مقام الوحدة التى هى مصدر وجودهم فى بقاء الوحدة كما قال تعالى
"كنت له سمعا وبصرا ولسانا فبى يسمع وبى يبصر وبى ينطق"
. وبالرجوع الى هذا المقام سموا اميين فانهم رجعوا الى اصلهم الذين صدروا عنه ايجادا وبين امة كان نبيهم محجوبا بحجاب الانانية عند سؤال الرؤية بقوله { { أرنى أنظر إليك } [الأعراف: 143] فاجيب { { لن ترانى } [الأعراف: 143].
لانك كنت بك لابى فانه لا يرانى الا من كان بى لا به فاكون بصره الذى يبصر به وهذا مقام الامة الامية فلهذا قال موسى عليه السلام اللهم اجعلنى من امة احمد شوقا الى لقاء ربه فافهم جدا كذا فى التأويلات النجمية

مصطفى را نبيا امت شدند جمله در زير لواء اوبدند
بابه اين امت مرحومه بين كى يقالوا بين ارباب اليقين
رفعتش بين الامم جون آفتاب درميان انجم اى عالى جناب
يبشه كن اى حقى شرع اين نبى تا نباشد فوت ازتو مطلبى