التفاسير

< >
عرض

وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ
٣٩
-الأعراف

روح البيان في تفسير القرآن

{ وقالت اولٰهم } اى مخاطبين { لاخرٰهم } حين سمعوا جواب الله لهم { فما كان لكم علينا من فضل } من حيث الاجتناب عن الكفر والضلال فكيف تطمعون ان يكون عذابكم اخف من عذابنا ويكون عذابنا ضعف عذابكم والحال انا ما ألجأناكم على الكفر بل كفرتم لكون الكفر موافقا لهواكم { فذوقوا العذاب } المعهود المضاعف وهو قول القادة على سبيل التشفى { بما كنتم تكسبون } [بسبب آنكه بوديدكه كسب مى كرديد از كفر اكنون احوالهُ عذاب بديكرى ميكنيد]

جمله داننداين اكرتونكروى هرجه مى كاريش روزى بدروى

واعلم ان الكفار اهل الانكار اعرضوا عن ارشاد الاخبار واكتسبوا سننا سيئة وذهلوا عن السنن الحسنة التى سنتها الانبياء العظام والاولياء الكرام ثم آل امرهم الى الاعتراف بجرائمهم وضلالهم حين لا ينفع الاقرار.
فعلى العاقل تدارك الحال قبل حلول الآجال وفى الحديث
"جددوا ايمانكم"
. والمراد الانتقال من مرتبة الى مرتبة فان اصل الايمان قد تم بالاول ولكن الايمان على ثمانى عشرة مرتبة فالعناية من الله تعالى: وفى المثنوى

تازه كن ايمان نه ازقول زبان اى هوارا تازه كرده درنهان
تاهواتازه است وايمان نيست كين هواجز قفل آن دروازه نيست

فالله تعالى دعا الخلق الى الايمان بواسطة الانبياء عليهم السلام فمن اجاب اهتدى الى طريق الجنة ومن لم يجب سقط فى النار.
قيل انما خلق الله النار لغلبة شفقته وموالاته كرجل يضيف الناس ويقول من جاء الى ضيافتى اكرمته ومن لم يجئ ليس عليه شئ ويقول مضيف آخر من جاء الىّ اكرمته ومن لم يجئ ضربته وحبسته ليبين غاية كرمه وهو آكد واتم من الاكرام الاول.
قال بعضهم نار جهنم خير من وجه وشر من وجه كنار نمرود شر فى اعينهم وبرد وسلام على ابراهيم كالسوط فى يد الحاكم السوط خير للطاغى وشر للمطيع فمن اراد ان يسلم من عذاب النار فعليه بطريق الاخيار.
وكان المولى جلال الدين قدس سره يعظ يوماً لاهل قرامان ويحكى ان من كان عاصيا ومات قبل التوبة من العصيان فانه يدخل النار بعدله تعالى فبعد احتراقه بقدر خطاه يخرجه الله تعالى منها ويعتقه ويدخله الجنة فقال شخص كان فى ذلك المجلس ليت هذا حصل قبل ان يهدم عرض المرء وينكسر فادع الله تعالى ايها المولى حتى يشرفنا بالجنة قبل انكسار الاعراض نسأل الله تعالى ان يعاملنا بلطفه وكرمه انه ولى الهداية والتوفيق.