التفاسير

< >
عرض

وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ
٥٠
-الأعراف

روح البيان في تفسير القرآن

{ ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة } بعد الاستقرار فى الدارين { أن } مفسرة او مخففة كما سبق غير مرة { افيضوا علينا } اى صبوا { من الماء } اى ماء الجنة حتى يطفئ عنا حر ما نجد من العطش وذلك انهم لما بقوا فيها جياعا عطاشا قالو ياربنا ان لنا قرابات فى الجنة فائذن لنا حتى نراهم ونكلمهم فيؤذن لهم فى ذلك فينظرون الى قراباتهم فى الجنة والى ما هم فيه من انواع النعيم فيعرفونهم ولا يعرفهم اهل الجنة لسواد وجوههم فينادون قراباتهم من اهل الجنة بعد اخبارهم بقرابتهم ويقولون افيضوا علينا من الماء { او مما رزقكم الله } من سائر الاشربة ليلائم الافاضة فان الاصل فيها ان تستعمل فى المائعات من المشروبات او من الاطعمة فنأكلها لعلها تدفع عنا الجوع على ان الافاضة عبارة عن الاعطاء بكثرة.
قال ابو حيان الصحيح تضمين افيضوا معنى القوا وهؤلاء القائلون كانوا فى الدنيا عبيد البطون حريصين على الطعام والشراب حتى ماتوا على ما عاشوا فيه فحشروا على ما ماتوا عليه وان اهل الجنة لما اطالوا الجوع والعطش فى الدنيا وانما جوعوا بطونهم لوليمة الفردوس كان اشتغالهم فى الجنة بشهوات النفس.
وفى الآية بيان ان الانسان لا يستغنى عن الطعام والشراب وان كان فى العذاب.
قال ابو الجوزاء سألت ابن عباس رضى الله عنهما أى الصدقة افضل قال الماء ارأيت اهل النار لما استغاثوا باهل الجنة قالوا افيضوا علينا من الماء.
"وعن سعد بن عبادة انه قال يا رسول الله ان ام سعد ماتت فأى صدقة افضل قال عليه السلام الماء فحفر بئرا فقال عليه السلام هذه لام سعد"
. يقول الفقير فى الحديث دلالة على نفع الصدقة فى الاموات كما ذهب اليه اهل السنة وتخصيص الماء اما لان ارض الحجاز احوج شئ اليه فيكون اكثر ثوابا واما لان جهنم بيت الحرارة واندفاعها بضدها وهى البرودة التى من اوصاف الماء فان كل شئ يقابل بنقيضه والله اعلم { قالوا } روى انه لا يؤذن لاهل الجنة فى الجواب مقدار اربعين سنة ثم يؤذن لهم فى جوابهم فيقولون { ان الله حرمهما على الكافرين } اى منع طعام الجنة وشرابها عنهم منع المحرم عن المكلف فلا سبيل الى ذلك قطعا وانما جعل شراب الكافرين الحميم الذى يصهر به ما فى بطونهم والجلود وطعامهم الضريع والزقوم.