التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً
٢١
-المعارج

روح البيان في تفسير القرآن

{ واذا } ظرف لمنوعا { مسه الخير } اى السعة او غيرهما { منوعا } مبالغا فى المنع والامساك لجهله بالقسمة وثواب الفضل وللصحة مدخل فى الشح فان الغنى قد يعطى فى المرض مالا يعطيه فى الصحة ولذا كانت الصدقة حال الصحة افضل. ودرلباب ازمقاتل نقل ميكندكه هلوع جانوريست دربس كوه قاف كه هروز هفت صحرا ازكياء خالى ميكند يعنى همه حشايش آنرامى خورد وآب هفت دريا مى آشامد ودر كرما وسرما صبر ندارند وهرشب درانديشه آنست كه فردا جه خواهد خورد بس حق سبحانه وتعالى آدمى را دربى صبرى وانديشه روزى بدين دابه تشببه ميكند

جانور براكه بجز آدميست معده جو برشد سبب بى غميست
آدميست آنكه نه سيرى برد برسر سيرى غم روزى خورد
خورد همه عمر جه بيش وجه كم روزئ هرروزه زخوان كرم
وزره حرص واملش همجنان هيج غمى نيست بجز فكرنان

والاوصاف الثلاثة وهى هلوعا وجزوعا ومنوعا احوال مقدرة لان المراد بها ما يتعلق به الذم والعقاب وهو ما يدخل تحت التكليف والاختيار وذلك بعد البلوغ او محققة لانها طبائع جبل الانسان عليها كما قال المتنبى

لظلم من شيم النفوس فان تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم

ولا يلزم ان لا تفارقه بالمعالجات المذكورة فى كتب الاخلاق فانها كبرودة الماء ليست من اللاوزم المهيئة للوجود بل انما حصولها في بوضع الله تعالى وخلقه وهو يزيلها ايضا بالاسباب التى سببها اذا أراد فان قيل فيلزم ان يكون له هلع حين كان فى المهد صبيا قلنا نعم ولا محذور الا يرى انه كيف يسرع الى الثدى ويحرص على الرضاع ويبكى عند مس الألم ويمنع بما وسعه اذا تمسك بشئ فزوحم فيه قال الراغب فان قيل ما الحكمة فى خلق الانسان على مساوى الاخلاق قلنا الحكمة فى خلق الشهوة ان يمانع نفسه اذا نازعته نحوها ويحارب شيطانه عند تزيينه المعصية فيستحق من الله مثوبة وجنة انتهى يعنى كما انه ركب فيه الشهوة ركب فيه العقل الرادع وحصلت الدلالة الى الصراط السوى من الشارع قال بعض العارفين الشح فى الانسان امر جبلى لا يمكن زواله ولكن يتعطل بعناية الله تعالى استعماله لا غير فلذلك قال ومن يوق شح نفسه فأثبت الشح فى النفس الا ان العبد يوقاه بفضل الله وبرحمته وقال ان الانسان خلق هلوعا الخ واصل ذلك كله ان الانسان استفاد وجوده من الله فهو مفطور على الاستفادة لاعلى افادة فلا تعطيه حقيقته ان يتصدق او يعطى احدا شيأ ولذلك ورد الصدقة برهان يعنى دليل ان هذا الانسان وقى بها شح النفس.
يقول الفقير وعليه المزاح المعروف وهو أن بعض العلماء وقع فى الماء فكاد يغرق فقال له بعض الحاضرين يا سلطانى ناولنى يدك فقيل لا تقل هكذا فانه اعتاد الاخذ لا الاعطاء بل قل خذ بيدى وقال بعضهم الغضب والشره والحرص والجبن والبخل والمحسد وصف جبلى فى الانسان والجان وما كان من الجبلة فمحال ان يزول الا بانعدام الذات الموصوفة به ولهذا عين الشارع صلى الله عليه وسلم لهذه الامور مصارف فقال لا حسد الا فى اثنتين وامر بالغضب لله لا حمية جاهلية وقال ولا تقل لهما اف ثم مدح من قال اف لكم ولما تعبدون من دون الله وقال ولا تخافوهم ثم قال وخافون فالكل يستعملون هذه الصفات استعمالا محمودا وكثير من الفقرآء يظنون زوال هذه الصفات منهم حين يعطل الله استعمالها فيهم وليس كذلك.
يقول الفقير ومنه يعلم صحة قول من قال ان النفس لامارة بالسوء وان كانت نفس الانبياء على ما اسلفناه فى سورة يوسف والحاصل ان اصول الصفات باقية فى الكل لبقاء المحاربة مع النفس اذا لا يحصل الترقى الا بالمحاربة والترقى مستمر الى الموت فكذا المحاربة المبنية على بقاء اصول الصفات فأصل النفس امارة لكن لا يظهر اثرها فى الكاملين كما يظهر فى الناقصين فاعلم ذلك قال القاشانى ان النفس بطبعها معدن الشر ومأوى الرجس لكونها من عالم الظلمات فمن مال اليها بقلبه واستولى عليه مقتضى جبلته وخلقته ناسب الامور السفلية واتصف بالرذآئل التى اردأها الجبن والبخل المشار اليهما بقوله واذا مسه الشر الخ لمحبة البدن ما يلائمه وتسببه فى شهواته ولذاته وانما كانا اردأ لجذبهما القلب الى اسفل مراتب الوجود وفى التأويلات النجمية يشير الى هلع الانسان المستعد لقبول الفيض الالهى ساعة فساعة ولحظة فلحظة وعدم صبره عن بلوغه الى الكمال فانه لا يزال فى طريق السلوك يتعلق باسم من الاسماء الالهية ويتحقق به ويتخلق ثم يتوجه الى اسم آخر الى ان يستوفى سلوك جميع الاسماء اذا مسه الشر الفترة الواقعة فى الطريق يجزع ويضطب ويتقلقل ولا يعلم ان هذه الفترة الواقعة فى طريقه سبب لسرعة سلوكه وموجب لقوة سيره وطيرانه واذا مسه الخير من المواهب الذاتية والعطايا الاسمائية يمنع من مستحقيه ويبخل على طالبيه.