التفاسير

< >
عرض

وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ
٣٤
-المعارج

روح البيان في تفسير القرآن

{ والذين هم على صلاتهم يحافظون } تقديم على صلاتهم يفيد الاختصاص الدال على ان محافظتهم مقصورة على صلاتهم لا تتجاوز الى امور دنياهم اى يراعون شرآئطها ويكملون فرآئضها وسننها ومستحباتها وآدابها ويحفظونها من الاحباط باقتران الذنوب فالدوام المذكور اولا يرجع الى انفس الصلوات والمحافظة على احوالها وفى المفردات فيه تنبيه على انهم يحفظون الصلاة بمراعاة اوقاتها واركانها والقيام بها فى غاية ما يكون من الطوق فان الصلاة تحفظهم بالحفظ الذى نبه عليه فى قوله { ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } وفى الحديث "من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وابى بن خلف" وهو الذى ضربه النبى عليه السلام فى غزوة أحد برمح فى عنقه فمات منه فى طريق مكة وكان اشد واطغى من أبى جهل دل عليه كونه مقتولا بيد النبى عليه السلام ولم يقتل عليه السلام بيده غيره وبعض العلماء جعل المحافظة شاملة للادامة على ما هو الظاهر من قوله تعالى { حافظوا على الصلوات } فيكون من قبيل التعميم بعد التخصيص لتتميم الفائدة وللاشعار بأن الصلاة اول ما يجب على العبد ادآؤه بعد الايمان وآخر ما يجب عليه رعايته بعده كما سبق.
وكفتم انددوام تعلق بفرائض دارد ومحافظت بنوافل. والحاصل ان فى تكرير ذكر الصلاة ووصفهم بها اولا وآخرا باعتبارين للدلالة على فضلها واناقتها على سائر الطاعات وتكرير الموصولات لتنزيل اختلاف الصفات منزلة اختلاف الذوات ايذانا بأن كل واحدة من تلك الصفات حقيق بأن يفرد لها موصوف مستقل لشأنها الخطير ولا يجعل شئ منها تتمة للاخرى قال بعضهم دلت هذه الآية على ان التغاير المفهوم من العطف ليس بذاتى بل هو اعتبارى اذا لا يخفى انه ليس المراد من الدآئمين طائفة والمحافظين اخرى فالمقصود مدح المؤمنين بما كانوا عليه فى عهد رسول الله من الاخلاق الحسنة والاعمال المرضية ففيه ترغيب لمن يجيئ منهم الى يوم القيامة وترهيب عن المخالفة قال فى برهان القرآءن قوله الا المصلين عد عقيب ذكرهم الخصال المذكورة اول سورة المؤمنين وزاد فى هذه السور والذين هم بشهاداتهم قائمون لانه وقع عقيب قوله
{ والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون } واقامة الشهادة امانة يؤديها اذا احتاج اليها صاحبها لاحياء حق فهى اذا من جملة الامانة فى سورة المؤمنين وخصت هذه السورة بزيادة بيانها كما خصت باعادة ذكر الصلاة حيث يقول { والذين هم على صلاتهم يحافظون } بعد قوله { الا المصلين الذى هم على صلاتهم دآئمون } انتهى وقال القاشانى والذين هم على صلاة القلب وهى المراقبة يحافظون او صلاة النفس على الظاهر وفى فتح الرحمن واتفق القرآء على الافراد فى صلاتهم هنا وفىالانعام بخلاف الحرف المتقدم فى المؤمنين لانه لم يكتنفها فيهما ما كنفها فى المؤمنين قبل وبعد من عظيم الوصف المتقدم وتعظيم الجزآء فى المتأخر فناسب لفظ الجمع ولذلك قرأ به اكثر القرآء ولم يكون ذلك فى غيرها فناسب الافراد.