التفاسير

< >
عرض

خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ
٤٤
-المعارج

روح البيان في تفسير القرآن

{ خاشعة ابصارهم } حال من فاعل يوفضون وابصارهم فاعلها على الاسناد المجازى يعنى وصفت ابصارهم بالخشوع مع انه وصف الكل لغاية ظهور آثاره فيها والمعنى ذليلة خاضعة لا يرفعون ما يتوقعون من العذاب { ترهقهم ذلة } هو ايضا حال من فاعل يوفضون اى تغشاهم ذلة شديدة وحقارة عظيمة وهو بالفارسية خوارى ونكونارى { ذلك } اليوم المذكور الذى سيقع فيه الاحوال الهائلة وهو مبتدأ خبره قوله { اليوم الذى كانوا يوعدون } اى يوعدونه فىالدنيا على ألسنة الرسل وهم يكذبون به فاندفع توهم التكرار لان الوعد الاول محمول على الآتى والاستمرارى كما مر وهذا الوعد محمول على الماضى بدلالة لفظ كان وفى الذلة اشارة الى ذلة الأنانية فانهم يوم يخرجون من الاجداث يسارعون الى صور تناسب هيئاتهم الباطنة فيكون أهل الأنانية فى انكر الصور بحيث يقع المسخ على ظاهرهم وباطنهم كما وقع لابليس بقوله أنا خير منه فكما ان ابليس طرد من مقام القرب ورهقته ذلة البعد فكذا من فى حكمه من الانس ولذا كان السلف يبكون دما من الاخلاق السيئة لا سيما ما يشعر بالانانية من آثار التعيين فان التوحيد الحقيقى هو أن يصير العبد فانيا عن نفسه باقيا بربه فاذا لم يحصل هذا فقد بقى فيه بقية من الناسوتية وكل اناء يرشح بما فيه فطوبى لمن ترشح منه الحق لا النفس والله أسأل أن يكرمنى به واياكم
تمت سورة المعارج بعون خالق الداخل والخارج فى العاشر من شوال سنة ست عشرة ومائة وألف.