التفاسير

< >
عرض

وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً
١١
-الجن

روح البيان في تفسير القرآن

{ وانا منا الصالحون } اى الموصوفون بصلاح الحال فى شأن أنفسهم وفى معاملتهم مع غيرهم او ما يكون الى الخير والصلاح حسبما تقتضيه الفطرة السليمة لا الى الشر والفساد كما هو مقتضى النفوس الشريرة والقصر ادعائى كأنهم لم يعتدوا بصلاح غير ذلك البعض فالصالحون مبتدأ وما خبره المقدم والجملة خبر ان ويجوز أن يكون الصالحون فاعل الجاروالمجرور الجارى مجرى الظرف لاعتماده على المبتدأ { ومنا دون ذلك } اى قوم دون ذلك فى الصلاح فحذف الموصوف لانه يجوز حذف هذا الموصوف فى التفصيل بمن حتى قالوا منا ظعن ومنا اقام يريدون منا فريق ظعن ومنا فريق أقام ودون ظرف وهم المقتصدون فى صلاح الحال على الوجه المذكور غير الكاملين فيه لا فى الايمان والتقوى كما توهم فان هذا بيان لحالهم قبل استماع القرءآن كمايعرب به عنه قوله تعالى { كنا طرآئق قددا } واما حالهم بعد استماعه فسيحكى بقوله وانا لما سمعنا الهدى الى قوله وانا منا المسلمون اى كنا قبل هذا طرآئق فى اختلاف الاحوال فهو بيان للقسمة المذكورة وقدر المضاف لامتناع كون الذوات طرآئق قالوا فى الجن قدرية ومرجئة وخوارج وروافض وشيعية وسنية قال فى المفردات جمع الطريق طرق وجمع الطرق طرآئق والظاهر أن الطرآئق جمع طريقة كقصائد جمع قصيدة ثم قال وقوله تعالى كنا طرآئق قددا اشارة الى اختلافهم فى درجاته كقوله هم درجات والطريق الذى يطرق بالارجل اى يضرب ومنه استعير كل مسلك يسلكه الانسان فى فعل محمودا كان او مذموما وقيل طرقة من النخل تشبيها بالطريق فى الامتداد والقد قطع الشئ طولا والقد المقدود ومنه قيل لقامة الانسان قد كقولك تقطيعه والقدرة كالقطعة يعنى انها من القد كالقطعة من القطع وصفت الطرآئق بالقدد دلالتها على معنى التقطع والتفرق وفى القاموس القدة الفرقة من الناس هوى كل واحد على حدة ومنه كنا طرآئق قددا اى فرقا مختلفة اهوآؤها وقد تعددوا قال القاشانى وانا منا الصالحون كالقوى المدبرة لنظام المعاش وصلاح البدن ومنادون ذلك من المفسدات كالوهم والغضب والشهوة والمعاملة بمقتضى هوى النفس والمتوسطات كالقوى النباتية الطبيعية كنا ذوى مذاهب مختلفة لكل طريق ووجهة مما عينه الله ووكله به قال بعض المفسرين المراد بالصالحين السابقون بالخيرات وبما دون ذلك اى أدنى مكان منهم المقتصدون الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا واما الظالمون لانفسهم فمندرج فى قوله تعالى { كنا طرآئق قددا } فيكون تعميما بعد تخصيص على الاستئناف ويحتمل أن يكون دون بمعنى غير فيندرج القسمان الاخيران فيه.