التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً
٢٣
-الجن

روح البيان في تفسير القرآن

{ الا بلاغا من الله } استثناء متصل من قوله لا املك اى من مفعوله فان التبليغ ارشاد ونفع وما بينهما اعتراض مؤكد لنفى الاستطاعة عن نفسه فلا يضر طول الفصل بينهما وفائدة الاستثناء المبالغة فى توصيف نفسه بالتبليغ لدلالته على انه لا يدع التبليغ الذى يستطيعه لتظاهرهم على عداوته وقوله من الله صفة بلاغا اى بلاغا كائنا منه وليس متعلقا بقوله بلاغا لان صلة التبليغ فى المشهور انما هى كلمة عن دون من وبلاغا واقع موضع التبليغ كما يقع السلام والكلام موقع التسليم والتكليم او استثناء من قوله ملتحدا اى لن اجد من دونه تعالى منجى الا ان ابلغ عنه ما ارسلنى به فهو حينئذ منقطع فان البلوغ ليس ملتحدا من دون الله لانه من الله وباعانته وتوفيقه { ورسالاته } عطف على بلاغا باضمار المضاف وهو البلاغ اى لا املك لكم الا تبليغا كائنا منه تعالى وتبليغ رسالاته التى ارسلنى بها يعنى الآن ابلغ عن الله وقول قال الله كذا ناسبا للمقالة اليه وان ابلغ رسالاته التى ارسلنى بها من غير زيادة ولا نقصان وقال سعدى المفتى لعل المراد من بلاغا من الله ما هو ما يأخذه منه تعالى بلا واسطة ومن رسالاته ما هو بها انتهى والمراد بالرسالة هو ما ارسل الرسول به من الامور والاحكام والاحوال لا معنى المصدر والظاهر أن المراد الا التبليغ والرسالة من الله تعالى وجمع الرسالة باعتبار تعدد ما ارسل هو به { ومن يعص الله ورسوله } فى الامر بالتوحيد بأن لا يمتثل امرهما به ودعوتهما اليه فيشرك به اذ الكلام فيه وهو يصلح ان يكون مخصصا للعموم فلا متمسك للمعتزلة فى الآية على تخليد عصاة المؤمنين فى النار { فان له نار جهنم خالدين فيها } اى فى النار أو فى جهنم والجمع باعتبار المعنى { ابدا } بلا نهاية فهو دفع لان يراد بالخلود المكث الطويل.