التفاسير

< >
عرض

لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً
٢٨
-الجن

روح البيان في تفسير القرآن

{ ليعلم ان قد ابلغوا رسالات ربهم } متعلق بيسلك غاية له من حيث انه مترتب على الابلاغ المترتب عليه اذ المراد به العلم المتعلق بالابلاغ الموجود بالفعل وان مخففة من الثقيلة واسمها الذى هو ضمير الشأن محذوف والجملة خبرها والابلاغ الايصال وبالفارسية رسانيدن. ورسالات ربهم عبارة عن الغيب الذى اريد اظهار المرتضى عليه والجمع باعتبار تعدد افراده وضمير أبلغوا اما للرصد فالمعنى انه تعالى يسلكهم من جميع جوانب المرتضى ليعلم ان الشأن قد أبلغوه رسالات ربهم سالمة عن الاختطاف والتخليط علما مستتبعا للجزآء وهو أن يعلمه موجودا حاصلا بالفعل كما فى قوله تعالى حتى نعلم المجاهدين منكم والغاية فى الحقيقة هو الا بلاغ والجهاد وايراد علمه تعالى لابراز اعتنائه تعالى بأمرهما والاشعار بترتيب الجزآء عليهما والمبالغة فى الحث عليهما والتحذير من التفريط فيهما واما لمن ارتضى والجمع باعتبار معنى من كما ان الافراد فى الضميرين السابقين باعتبار لفظهما فالمعنى ليعلم انه قد ابلغ الرسل الموحى عليهم رسالات ربهم الى اممهم كما هى من غير اختطاف ولا تخليط بعد ما ابلغها الرصد اليهم كذلك { واحاط بما لديهم } اى بما عند الرصد او الرسل حال عن فاعل يسلك باضمار قد او بدونه على الخلاف المشهور جيء بها لتحقيق استغنائه تعالى اى وقد احاط بما لديهم من الاحوال جميعا { واحصى } علم علما بالغا الى حد الاحاطة تفصيلا وبالفارسية وشمرده است { كل شئ } مما كان وما سيكون { عددا } اى فردا فردا فكيف لا يحيط بما لديهم قال القاسم هو اوجدها فأحصاها عددا وقال ابن عباس رضى الله عنهما احصى ما خلق وعرف عدد ما خلق لم يفته علم شئ حتى مثاقيل الذر والخردل (قال الكشافى) مراد كمال علم است وتعلق آن بجميع معلومات يعنى معلومى مطلقا از دآئره علم او خارج نيست

هرجه دانستنى است درد وجهان نيست ازعلم شاملش بنهان

قوله عددا تمييز منقول من المفعول به كقوله وفجرنا الارض عيونا والاصل احصى عدد كل شئ وفائدته بيان ان علمه تعالى بالاشياء ليس على وجه كلى اجمالى بل على وجه جزئى تفصيلى فان الاحصاء قد يراد به الاحاطة الاجمالية كما فى قوله تعالى وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها اى لا تقدروا على حصرها اجمالا فضلا عن التفصيل وذلك لان اصل الاحصاء ان الحاسب اذا بلغ عقدا معينا من عقود الاعداد كالعشر والمائة والالف وضع حصاة ليحفظ بها كمية ذلك العقد فيبنى على ذلك حسابه وهذه الآية مما يستدل به على ان المعدوم ليس بشئ لانه لو كان شيأ لكانت الاشياء غير متناهية وكونه احصى عددها يقتضى كونها متناهية لان احصاء العدد انما يكون فى المتناهى فيلزم الجمع بين كونها متناهية وغير متناهية وذلك محال فوجب القطع بأن المعدوم ليس بشئ حتى يندفع هذا التناقض والتنافى كذا فى حواشى ابن الشيخرحمه الله .
تمت سورة الجن بعون الله ذى الطول والمن فى عصر الثلاثاء السابع من ذى القعدة من شهور سنة ست عشرة ومائة وألف