التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ وَكَانَتِ ٱلْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً
١٤
-المزمل

روح البيان في تفسير القرآن

{ يوم ترجف الارض والجبال } ظرف للاستقرار الذى تعلق به لدينا والرجفة الزلزلة والزعزعة الشديدة اى تضطرب وتتزلزل بهيبة الله وجلاله ليكون علامة لمجيئ القيامة وامارة لجريان حكم الله فى مؤاخذة العاصين افرد الجبال بالذكر مع كونها من الارض. لكونها اجساما عظاما اوتادا لها فاذا تزلزلت الاوتاد لم يبق للارض قرار وايضا ان زلزلة العلويات اظهر من زلزلة السفليات ومن زلزلتها تبلغ القلوب الحناجرخوفا من الوقوع { وكانت الجبال } من شدة الرجفة مع صلابتها وارتفاعها { كثيبا } فى القاموس الكثيب التل من الرمل انتهى من كثب الشئ اذا جمعه كأنه فعيل بمعنى مفعول فى اصله ثم صار اسمه بالغلبة للرمل المجتمع { مهيلا } اى كانت مثل رمل مجتمع هيل هيلا اى نثر واسيل بحيث لو حرك من اسفله انهال من اعلاه وسال لترفق اجزآئه كالعهن المنفوش ومثل وهذا الرمل يمر تحت الرجل ولا يتماسك فكونه مترفق الاجزآء منثورا سائلا لا ينافى كونه رملا مجتمعا وبالفارسية كوههاى سخت جون ريك روان شد از هيبت آن روز.
فقوله مهيلا اسم مفعول من هال يهيل واصله مهيول كمبيع من باع لا فعيل من مهل بمهل وخص الجبال بالتشبيه بالكثيب المهيل لان ذلك خاصة لها فان الارض تكون مقررة فى مكانها بعد الرجفة دل عليه قوله تعالى ويسلونك عن الجبال فقل ينسفها ربى نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا امتا والحاصل ان الارض والجبال يدق بعضها ببعض كما قال تعالى وحملت الارض والجبال فدكتادكة واحدة فترجع الجبال كثيبا مهيلا ثم ينسفها الريح فتصير هباء منبثا وتبقى الارض مكانها ثم تبدل كما مر وفى التأويلات النجمية يوم ترجف ارض البشرية وجبال الانانية وكانت جبال انانية كل واحد رملا منثورا متفتتا شبه التعينات الاعتبارية الموهومة بالرمل لسرعة زوالها وانتثارها.