التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ
١
-المدثر

روح البيان في تفسير القرآن

{ يا ايها المدثر } بتشديدين اصله المتدثر وهو لابس الدثار وهو ما يلبس فوق الشعار الذى يلى الجسد ومنه قوله عليه السلام "الانصار شعار والناس دثار" وفيه اشارة الى ان الولاية كالشعار من حيث تعلقها بالباطن والنبوة كالدثار من حيث تعلقها بالظاهر ولذلك خوطب عليه السلام فى مقام الانذار بالمدثر (روى) عن جابر رضى الله عنه عن النبى عليه السلام انه قال كنت على جبل حرآء فنوديت يا محمد انك رسول الله فنظرت عن يمينى وعن يسارى ولم أر شيأ فنظرت فوقى فاذا به قاعد على عرش بين السماء والارض يعنى الملك الذى ناداه فرعبت ورجعت الى خديجة رضى الله عنها فقلت دثرونى دثرونى وصبوا علّى ماء باردا فنزل جبريل وقال يا أيها المدثر يعنى انه انما تدثر بناءً على اقشعرار جلده وارتعاد فرآئصه رعبا من الملك النازل من حيث انه رأى مالم يره قبل ولم يستأنس به بعد فظن ان به مسا من الجن فخاف على نفسه لذلك وذكر حضرة الشيخ الاكبر قدس سرة الاطهر ان التدثر انما يكون من البرودة التى تحصل عقيب الوحى وذلك ان الملك اذا ورد على النبى عليه السلام بعلم او حكم يلقى ذلك الروح الانسان وعند ذلك تشتعل الحرارة الغريزية فيتغير الوجه وتنقل الروطوبات الى سطح البدن لاستيلاء الحرارة فيكون من ذلك العرق فاذا سرى عنه ذلك سكن المزاج وانقشعت تلك الحرارة وانفتحت تلك المسام وقبل الجسم الهوآء من خارج فيتخلل الجسم فيبرد المزاج فتأخذه القشعريرة فتزاد عليه الثياب ليسخن انتهى وقرر بعضهم هذا المقام على غير ما ذكر كما قال فى كشف الاسرار وتفسير الكاشفى جابر بن عبد الله رضى الله عنه نقل ميكند از رسول صلى الله عليه وسلم درزمان فترت وحى براهى ميرفتم ناكاه ازآسمان آوازى شنيدم جشم بالاكردم ديدم همان ملك كه درغار حرا بمن آمده بود بركرسى نسته ميان زمين وآسمان ازسطوت وهيأت وعظمت وهيكل او خوفى برمن طارى شد بخانه بازكشتم وكفتم مرا بيوشانيد جامها برمن بوشيدند ومن در انديشه آن حال بودم كه حضرت عزت جل شأنه وحى فرستادكه ايها المدثر.
وقال السهيلرحمه الله كان عليه السلام متدثرا بثيابه حين فزع من هول الوحى اول نزوله قال دثرونى دثرونى فقال له ربه ايها المدثر ولم يقل يا محمد ولا يا فلان ليستشعر اللين والملاطفة من ربه كما تقدم فى المزمل وفائدة اخرى مشاكلة الآية بما بعدها ووجه المشاكلة بين اول الكلام وبين قوله قم فأنذر خفى الابعد التأمل والمعرفة بقوله عليه السلام انى انا النذير العريان ومعنى النذير العريان الجاد المشمر وكان النذير من العرب اذا جتهد جرد ثوبه وأشار به مع الصياح تأكيدا فى الانذار والتحذير وقد قيل ايضا ان اصل قولهم النذير العريان ان رجلا من خثعم وهو كجعفر جبل واهل خثعميون وابن انما رابوا قبيلة من معد كما فى القاموس اخذه العدو فقطعوا يده وجردوا ثيابه فأفلت الى قومه نذيرا لهم وهو عريان فقيل لكل مجتهد فى الانذار والتخويف النذير العريان فاذا ثبت هذا فقد تشاكل الكلام بعضه ببعض فأمر المتدثر بالثياب مضاف الى معنى النذير العريان ومقابل ومرتبط به لفظا ومعنى.