التفاسير

< >
عرض

لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ
٣٧
-المدثر

روح البيان في تفسير القرآن

{ لمن شاء منكم ان يتقدم او يتأخر } بدل من للبشر باعادة الجار وان يتقدم مفعول شاء ومنكم حال من من اى نذيرا لمن يشاء منكم ان يسبق الى الخير والجنة والطاعة فيهديه الله او لم يشأ ذلك ويتأخر بالمعصية فيضله وفيه اشارة الى ان لكسب العبد دخلا فى حصول المرحومية والمحرومية وفى التأويلات النجمية اقسم بنور قمر الشريعة الزهرآء وبظلمة ليل الطبيعة الظلماء وبصبح الحقيقة البيضاء حين غلبت على غلس الطبيعة ان الجبود مظاهر احدى هذه المراتب الكلية الكبرى اما اهل الشريعة واما اهل الحقيقة واما اهل الطبيعة وقوله نذيرا للبشر اى جعلنا الحصر فى المراتب الثلاث الكلية ليتنبه الانسان ويحترز أن يكون من اهل الانذار لمن شاء منكم ان يتقدم الى مقام الشريعة او يتأخر الى مقام الطبيعة ولما كان مقام الحقيقة اعلى المراتب ولم يصل اليه الا النذر من الكمل اعرض عن ذكره انتهى ويجوز أن يكون اهل الحقيقة داخلا فى ان يتقدم لانه واهل الشريعة كل منهما من المتقدمين وان كان بينهما فرق فى التقدم وتفاوت فى السير والمسارعة والحاصل الا اهل ان الاستعداد تقدموا باكتساب الفضائل والخيرات والكمالات الى مقام القلب والروح والسر واما غيرهم فتأخروا بالميل الى البدن وشهواته ولذاته فوقعوا فى ورطة الطبيعة.