التفاسير

< >
عرض

وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ
٢٨
-القيامة

روح البيان في تفسير القرآن

{ وظن انه الفراق } وأيقن المحتضر حين عاين ملائكة الموت ان ما نزل به هو الفراق من الدنيا المحبوبة ونعيمها التى ضيع العمر النفيس فى كسب متاعها الخسيس وعبر عما حصل له من المعرفة حينئذ بالظن لان الانسان ما دامت روحه متعلقة ببدنه فانه يطمع فى الحياة لشدة حبه لهذا الحياة العاجلة ولا ينقطع رجاؤه عنها فلا يحصل له يقين الموت بل ظنه الغالب على رجاء الحياة قال الامام هذه الآية تدل على ان الروح جوهر قائم بنفسه باق بعد موت المعدن لان الله تعالى سمى الموت فراقا والفراق انما يكون اذا كانت الروح باقية فان الفراق والوصال صفة وهى تستدعى وجود الموصوف قال المزنى دخلت على الشافعى فى مرة موته فقلت كيف أصبحت قال أصبحت من الدنيا راحلا وللاخوان مفارقا ولسوء عملى ملاقيا ولكأس المنية شاربا وعلى الله وارادا فلا ادرى أروحى تصير الى الجنة فأهنيها ام الى النار فأعزيها ثم أنشأ يقول

ولما قسا قلبى وضاقت مذاهبى جعلت رجائى نحو عفوك سلما
تعاظمنى ذنبى فلما قرنته بعفوك ربى كان عفوك اعظما

وقال بعضهم

فراق ليس يشبهه فراق قد انقطع الرجاء عن التلاق

وفى الحديث ان العبد ليعالج كرب الموت وسكراته وان مفاصله ليسلم بعضها على بعض يقول السلام عليك أفارقك وتفارقنى الى يوم القيامة (قال الشيخ سعدى)

كوس رحلت بكوفت دست اجل اى در جشمم وداع سر بكنيد
اى كف ودست وساعد وبازو همه توديع يكدكر بكنيد
بر من افتاده مرك دشمن كام آخر اى دوستان كذر بكنيد
روز كارم بشد بنادانى من نكردم از شما حذر بكنيد

قال يحيى بن معاذرحمه الله اذا دخل الميت القبر قام على شفير قبره اربعة املاك واحد عند رأسه والثانى عند رجليه والثالث عن يمينه والرابع عن يساره فيقول الذى عند رأسه يا ابن آدم ارفضت الآجال اى تفرقت وأنصيت الآمال اى هزلت ويقول الذى عن يمينه ذهبت الاموال وبقيت الاعمال ويقول الذى عن يساره ذهبت الاشغال وبقى الوبال ويقول الذى عند رجليه طوبى لك ان كان كسبك من الحلال وكنت مشتغلا بخدمة ذى الجلال.