التفاسير

< >
عرض

هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً
١
-الإنسان

روح البيان في تفسير القرآن

{ هل أتى } استفهام تقرير وتقريب فان هل بمعنى قد والاصل أهل أتى اى قد أتى وبالفارسية آيا آمد يعنى برستى كه آمده. تركوا الالف قبل هل لانها لا تقع الا فى الاستفهام وانما لزوم اداة الاستفهام ملفوظة او مقدرة اذا كان بمعنى قد ليستفاد التقرير من همزة الاستفهام والتقريب من قد فانها موضوعة لتقريب الماضى الى الحال والدليل على ان الاستفهام غير مراد ان الاستفهام على الله محال فلا بد من حمله على الخبر تقول هل وعظتك ومقصودك أن تحمله على الاقرار بأنك قد وعظته وقد يجيئ بمعنى الجحد تقول وهل يقدر أحد على مثل هذا فتحمله على أن يقول لا يقدر أحد غيرك { على الانسان } قبل زمان قريب المراد جنس الانسان لقوله من نطفة لان آدم لم يخلق منها ثم المراد بالجنس بنوا آدم او ما يعمه وبنيه على التغليب او نسبة حال البعض الى الكل للملابسة على المجاز { حين من الدهر } الحين زمان مطلق ووقت مبهم يصلح لجميع الازمان طال او قصر وفى المفردات الحين وقت بلوغ الشئ وحصوله وهو مبهم ويتخصص بالمضاف اليه نحو ولات حين مناص ومن قال حين على اوجه للاجل والمنية وللساعة وللزمان الملطق انما فسر ذلك بحسب ما وجده قد علق به والدهر الزمان الطويل والمعنى طائفة محدودة كائنه من الزمن الممتد وهى مدة لبثه فى بطن امه تسعة اشهر ان صار شيأ مذكورا على ما ذهب اليه ابن عباس رضى الله عنهما { لم يكن } فيه فالجملة صفة اخرى لحين بحذف الضمير { شيئا مذكورا } بل كان شيأ منسيا غيرمذكور بالانسانية اصلا نطفة فى الاصلاب فما بين كونه نطفة وكونه شيأ مذكورا بالانسانية مقدار محدود من الزمان وتقدم عالم الارواح لا يوجب كونه شيأ مذكورا عند الخلق ما لم يتعلق بالبدن ولم يخرج الى عالم الاجسام (روى) ان الصديق او عمر رضى الله عنهما كما فى عين المعانى لما سمع رجلا يقرأ هذه الآية بكى وقال ليتها تمت فلا شئ أراد ليت تلك تمت وهى كونه شيأ غير مذكور ولم يخلق ولم يكلف ومعنى الاستفهام التقريرى فى الآية أن يحمل من ينكر البعث على الاقرار بأنه نعم أتى عليه فى زمان قريب من زمان الحال حين من الدهر لم يكن شيئأ مذكورا فيقال له من أحدثه بعد أن لم يكن كيف يمتنع عليه بعثه واحياؤه بعد موته وقال القاشانى اى كان شيأ فى علم الله بل فى نفس الامر لقدم روحه ولكنه لم يذكر فيما بين الناس لكونه فى عالم الغيب وعدم شعور من فى عالم الشهادة به وفى التأويلات النجمية اعلم ان للانسان صورة علمية غيبية وصورة عينية شهادية وهو من حيث كلتا الصورتين مذكور عند الله ازلا وابدا لا يعزب عن علمه مثقال ذرة لعلمه الازلى الابدى بالاشياء قبل ايجاد الاشياء وقبل وجودها خلق الخلق وهم معدومون فى كتم العدم وعلمه بنفسه يستلزم علمه بأعيان الاشياءلان الاشياء مظهر اسمائه وصفاته وهى عين ذاته فافهم اى ما أتى على الانسان حين من الاحيان وهو كان منسيا فيه بالنسبة الى الحق وكيف وهو مخلوق على صورته وصورته حاضرة له مشهودة عنده وهل للاستفهام الانكارى بخلاف المحجوبين عن علم المعرفة والحكمة الالهية وقال جعفر الصادق رضى الله عنه هل أتى عليك يا انسان وقت لم يكن الله ذاكرا لك فيه.