التفاسير

< >
عرض

فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِماً أَوْ كَفُوراً
٢٤
-الإنسان

روح البيان في تفسير القرآن

{ فاصبر لحكم ربكم } بتأخير نصرك على الكافرين فان له عاقبة حميدة ولا تستعجل فى امر المقابلة والانتقام فان الامور مرهونة بأوقاتها وكل آت قريب { ولا تطع منهم } اى من الكفار { آثما او كفورا } او لاحد الشيئين والتسوية بينهما فاذا قلت فى الاثبات جالس الحسن او ابن سيرين كان المعنى جالس احدهما فكذا اذا قلت فى النهى لا تكلم زيدا او عمرا كان التقدير لا تكلم احدهما والاحد عام لكل واحد منهما فهو فى المعنى لا تكلم واحدا منهما فمآل المعنى فى الآية ولا تطع كل واحد من مرتكب الاثم الداعى لك اليه ومن الغالى فى الكفر الداعى اليه فاوللاباحة اى للدلالة على انهما سيان فى استحقاق العصيان اى عصيان المخاطب للداعى اليهما والاستقلال به والتقسم الى الآثم والكفور مع ان الداعين يجمعهم الكفر باعتبار ما يدعونه اليه من الأثم والكفر لا باعتبار انقسامهم فى أنفسهم الى الآثم والكفور لانهم كانوا كفرة والكفر اخبث أنواع الاثم فلا معنى للقسمة بحسب نفس كفرهم واثمهم وذلك ان ترتب النهى على الوصفين مشعر بعليتهما له فلا بد أن يكون النهى عن الاطاعة فى الاسم والكفر لا فيما ليس باثم ولا كفر فالمراد بالاثم ما عدا الكفر اذا العام اذا قوبل بالخاص يراد به ما عدا ذلك الخاص وخص الكفر بالذكر تنبيها على غاية خبثه من بين انواع الاثم فكل كفور آثم وليس كل آثم كفور ولا بعد أن يراد بالآثم من هو تابع وبالكفور من هو متبوع (وقال الكاشفى) آثما كناهكارى راكه ترابا ثم خواند جون عتبة بن ربيعه كه كفت ازدعوت خود بازايست تادختر خودرا بتودهم او كفورا وناسباسى راكه ترا بكفر دعوت كندجون وليد بن مغيره كه كفت بديه اباء رجوع كن تاترا توانكر سازم. وفى نهيه عليه السلام عن الاطاعة فيما يدعونه اليه مع انه ما كان يطيع احدا منهم ولا يتصور فى حقه ذلك اشارة الى ان الناس محتاجون الى مواصلة التنبيه والارشاد من حيث ان طبيعتهم التى جبلوا عليها ركب فيها الشهوة الداعية الى السهو والغفلة وان احدا لو استغنى عن توفيق الله وامداده وارشاده لكان احق الناس به هو الرسول المعصوم فظهر انه لا بد لكل مسلم أن يرغب الى الله ويتضرع اليه أن يحفظه من الفتن والآفات فى جميع اموره وقال القاشانى ولا تطع منهم آثما اى محتجبا بالصفات والاحوال او بذاته عن الذات او بصفات نفسه وهيئاتها عن الصفات او كفورا محتجبا بالافعال والآثار واقفا معهم او بافعاله ومكسوباته عن الافعال فتحجب بموافقتهم انتهى عصمنا الله واياكم من مواقتة الاعدآء مطلقا.