التفاسير

< >
عرض

نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً
٢٨
-الإنسان

روح البيان في تفسير القرآن

{ نحن } لا غيرنا { خلقناهم } من نطفة { وشددنا اسرهم } اى احكمنا ربط مفاصلهم بالاعصاب ليتمكنوا بذلك من القيام والقعود والاخذ والدفع والحركة وحق الخالق المنعم أن يشكر ولا يكفر ففيه ترغيب والاسر الربط ومنه اسر الرجل اذا أوثق بالقيد وقدر المضاف وهو المفاصل (وفى كشف الاسرار) وآفرينش انسان سخت بستيم تا آفرينش واندامان برجاى بود. فمعناه شددنا خلقهم وقال الراغب اشارة الى الحكمة فى تركيب الانسان المأمور بتدبرها وتأملها فى قوله وفى أنفسكم أفلا تبصرون وقيل وشددنا مخرج البول والغائط اذا خرج الأذى انقبض او معناه انه لا يسترخى قبل الارادة { واذا شئنا } تبديلهم { بدلنا امثالهم } اى بدلناهم بأمثالهم بعد اهلاكهم والتبديل يتعدى الى مفعولين غالبا كقوله تعالى يبدل الله سيئاتهم حسنات يعنى يذهب بها ويأتى بدلّها بحسنات { تبديلا } بديعا لا ريب فيه وهو البعث كما ينبغى ولا ينافيها الغيرية بحسب العوارض كاللطافة والكثافة وبالفارسية وجون خواستيم بدل كنيم ايشانرا بامثال ايشان در خلقت يعنى ايشانرا بمرانيم ودر نشأت ثانيه بمانند همين صورت وهيأت وز آريم. او المعنى واذا شئنا بدلنا غيرهم ممن يطيع كقوله تعالى يستبدل قوما غيركم ففيه ترهيب فالمثلية باعتبار الصورة ولا ينافيها الغيرية باعتبار العمل والطاعة واذا للدلالة على تحقق القدرة وقوة الداعية والا فالمناسب كلمة ان اذلا تحقق لهذا التبديل قال القاشانى نحن خلقناهم بتعيين استعداداتهم وقويناهم بالميثاق الازلى والاتصال الحقيقى واذا شئنا بدلنا امثالهم تبديلا بأن نسلب افعالهم بافعالنا ونمحو صفاتهم بصفاتنا ونفنى ذواتهم بذاتنا فيكونوا ابدالا.