التفاسير

< >
عرض

وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً
٣٠
-الإنسان

روح البيان في تفسير القرآن

{ وما تشاؤون الا أن يشاء الله } تحقيق للحق وبيان أن مجرد مشيئتهم غير كافية فى اتخاذ السبيل كما هو المفهوم من ظاهر الشرطية وان مع الفعل فى حكم المصدر الصريح فى قيامه مقام الظرف والمعنى وما تشاؤن اتخاذ السبيل ولا تقدرون على تحصيله فى وقت من الاوقات الاوقت مشيئته تعالى تحصيله لكم اذ لا دخل لمشيئته العبد الا فى الكسب وانما التأثير والخلق لمشيئة الله تعالى غاية ما فى الباب ان المشيئة ليست من الافعال الاختيارية للعبد بل هى متوقفة على أن يشاء الله اياها وذلك لا ينافى كون الفعل الذى تعلقت به مشيئة العبد اختياريا له واقعا بمشيئته وان لم تكن مشيئته مستقلة فيه وهو الجبر المتوسط الذى يقول به اهل السنة ويقولون الامر بين الامرين اى بين القدر والجبر قال فى عين المعانى قوله تعالى فمن شاء الخ حجة تكليف العبودية وقوله تعالى وما تشاؤن الخ اظهار قهر الالوهية { ان الله كان عليما حكيما } بيان لكون مشيئته تعالى مبنية على اساس العلم والحكمة والمعنى انه تعالى مبالغ فى العلم والحكمة فيفعل ما يستأهله كل احد فلا يشاء لهم الا ما يستدعيه علمه وتقتضيه حكمته قال القاشانى وما تشاؤن الا بمشيئتى بأن أريد فتريدون فتكون ارادتكم مسبوقة بارادتى بل عين ارادتى الظاهرة فى مظاهرهم ان الله كان عليما بما أودع فيهم من العلوم حكيما بكيفيته ايداعها وابرازها فيهم باظهار كما لهم.