التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ لِبَاساً
١٠
وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً
١١
-النبأ

روح البيان في تفسير القرآن

{ وجعلنا الليل } الذى يقع فيه النوم { لباسا } يقول لبس الثوب استتر به وجعل اللباس لكل ما يغطى الانسان عن قبيح فجعل الزوج لزوجها لباسا من حيث انها تمنعه وتصده عن تعاطى قبيح وكذا البعل وايضا من حيث الاشتمال قال تعالى { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } وجعل التقوى لباسا على طريق التمثيل والتشبيه وكذا جعل الخوف والجوع لباسا على التمثيل والتشبيه تصويرا له وذلك بحسب ما يقولون تدرع فلان الفقر ولبس الجوع والمعنى لباسا يستركم بظلامه كما يستركم اللباس ولعل المراد ما يستتر به عند النوم من اللحاف ونحوه فان شبه الليل به اكمل واعتباره فى تحقيق المقصد أدخل صاحب فتوحات آورده شب لباس اصحاب ليل است كه ايشانرا ازنظر اغيار بيوشاند تادر خلوت خود لذت مكالمه يا محاضره يا مشاهده هريك فراخور استعداد خود برخوردارى يابند حضرت شيخ الاسلام قدس شره فرموده كه شب برده روندكان راهست روز بازار بيدار ان سحر كاه.

الليل للعاشقين ستر ياليت اوقاته تدوم
جون دردل شب خيال اويار منست من بنده شب كه روز بازار منست

فهو تعالى جعل الليل محلا للنوم الذى جعل موتا كما جعل النهار محلا لليقظة المعبر عنها بالحياة فى قوله تعالى { وجعلنا النهار معاشا } اى وقت عيش اى حياة تبعثون فيه من نومكم الذى هو أخو الموت كما فى قوله تعالى { وهو الذى جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا } ولم يقل وجعل يقظتكم حياة لتتم المطابقة بينه وبين قوله { وجعلنا نومكم سباتا } بل عبر عن اليقظة بالنهار لكونه مستلزما لها غالبا ولمراعاة مطابقة وجعلنا الليل ومنه يعلم ان قوله وجعلنا الليل ليس مستطردا فى البين لذكر النوم فى القرينة الاولى فمعاش مصدر من عاش يعيش عيشا ومعاشا ومعيشة وعيشة وعلى هذا لا بد من تقدير المضاف ولذا قدروا لفظ الوقت ويحتمل ان يكون اسم زمان على صيغة مفعل فلا حاجة حينئذ الى تقدير المضاف وتفسيره بوقت معاش ابراز لمعنى صيغة اسم الزمان وتفصيل لمفهومها وفى التأويلات النجمية ألم نجعل ارض البشرية مهد استراحتكم وانتشاركم فى انواع المنافع البشرية وجبال نفوسكم القاسية قوآئم ارض البشرية وخلقناكم ازواجا زوج الروح وزوج النفس او ذكر القلب وانثى النفس وجعلنا نومكم غفلتكم راحة وستراحة باستيفاء اللذات واستقصاء الشهوات وجعلنا ليل طبعتكم ستر النهار روحانيتكم نهار روحانيتكم معاشا تعيشون فيه بالطاعات والعبادات وهذه صورة البعث.