التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً
١٣
-النبأ

روح البيان في تفسير القرآن

{ وجعلنا } انشأنا وأبدعنا { سراجا } هو الشمس والتعبير عندها بالسراج من روادف التعبير عن خلق السموات بالبناء قال الراغب السراج الزاهر بفتيلة ودهن ويعبر به عن كل شئ مضيئ ويقال للسراج مصباح { وهاجا } وقادا متلألئا من وهجت النار اذا اضاءت او بالغا فى الحرارة من الوهج وهو الحر وهو ما قال بعض المفسرين سراجا وهاجا اى مضيئا جامعا بين النور والحرارة يعنى جراغى افروخته وتابان.
يقال ان الشمس والقمر خلقا فى بدء امرهما من نور العرش ويرجعان فى القيامة الى نور العرش وذلك فيما روى عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال الا احدثكم بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى الشمس والقمر وبدء خلقهما ومصير أمرهما قال قلنا بلى يرحمك الله فقال ان رسول الله عليه السلام سئل عن ذلك فقال ان الله تعالى لما ابرز خلقه احكاما ولم يبق من خلقه غير آدم خلق شمسين من نور عرشه فاما ما كان فى سابق علمه ان يدعها شمسا فانه خلقها من مثل الدنيا ما بين مشارقها ومغاربها وما كان فى سابق علمه ان يطمسها ويحولها قمرا فانه خلقها دون الشمس فى العظم ولكن انما يرى صغرهما لشدة ارتفاعهما فى السماء وبعدهما من الارض فلو ترك الله الشمس والقمر كما كان خلقهما فى بدء امرهما لم يعرف الليل من النهار ولا النهار من الليل ولا يدرى الاجير متى يعمل ومتى يأخذ اجره ولا يدرى الصائم متى يصوم ومتى يفطر ولا تدرى المرأة متى تعتد ولا يدرى المسلمون متى وقت صلاتهم ومتى وقت حجهم فكان الرب تعالى انظر لعباده وارحم بهم فأرسل جبريل فأمر جناحه على وجه القمر فطمس منه الضوء وبقى فيه النور فذلك قوله تعالى
{ وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة } فالسود الذى ترونه فى القمر شبه الخطوط فيه فهو أثر المحو قال فاذا قامت القيامة وقضى الله بين الناس وميز بين اهل الجنة والنار ولم يدخلوهما بعد يدعو الرب تعالى بالشمس والقمر ويجاء بهما اسودين مكورين قد وقفا فى زلازل وبلابل ترعد فرآئصهما من هول ذلك اليوم ومخافة الرحمن فاذا كانا حيال العرش خرا لله ساجدين فيقولان الهنا قد علمت طاعتنا لك وأدبنا فى عبادتك وشرعتنا للمضى فى امرك ايام الدنيا فلا تعذبنا بعبادة المشركين ايانا فقد علمت انا لم ندعهم الى عبادتنا ولم نذهل عن عبادتك فيقول الرب صدقتما انى قد قضيت على نفسى ان ابدئ واعيد وانى معيدكما الى ما ابدأتكما منه فارجعا الى ما خلقتكما منه فيقولان ربنا مم خلقتنا فيقول خلقتكما من نور عرشى فارجعا اليه قال فتلمع من كل واحد منهما برقة تكاد تخطف الابصار نورا فيختلطان بنور العرش فذلك قوله تعالى { يبدئ ويعيد } كذا فى كشف الاسرار وقال الشيخ رضى الله عنه فى الفتح المكى واما الكواكب كلها فهى فى جهنم مظلمة الاجرام عظيمة الخلق وكذلك الشمس والقمر والطلوع والغروب لهما فى جهنم دآئما انتهى.
يقول الفقير لعل التوفيق بين هذا وبين الخبر السابق ان كلا من الشمس والقمس حامل لشيئين النورية والحرارة فما كان فيهما من قبيل النور فيتصل بالعرش من غير جرم لان الجرم لا يخلو من الغلظة والظلمة والكثافة وما كان من قبيل النار والحرارة فيتصل بالنار مع جرمهما فكل منهما يرجع الى اصله فان قلت كان الظاهر ان يتصل نورهما بنور النبى عليه السلام لانهما مخلوقان من نوره قلت ان العرش والكرسى خلقا من نوره وخلق القمران من نور العرش فهما فى الحقيقة مخلوقان من نور النبى عليه السلام ومتصل نورهما بنوره والكل نوره والحمد لله تعالى.

شمسهء نه مسند وهفت اختران ختم رسل خواجهء بيغمبران