التفاسير

< >
عرض

وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً
١٤
-النبأ

روح البيان في تفسير القرآن

{ وانزلنا } النون للعظمة وللاشارة الى جمعية الذات والاسماء والصفات { من المعصرات } هى السحائب اذا اعصرت اى شارفت ان تعصرها الرياح فتمطر ولم تعصرها بعد فالانزال من المستعد لا من الواقع والا يلزم تحصيل الحاصل وهمزة اعصر للحينونة والمعصرات اسم فاعل يقال احصد الزرع اذا حان له ان يحصد واعصرت الجارية اى حان لها ان تعصر الطبيعة رحمها فتحيض وفى المفردات المعصر المرأة التى حاضت ودخلت فى عصر شبابها انتهى ولو لم تكن للحينونة لكان ينبغى ان يقرأ المعصرات بفتح الصاد على انه اسم مفعول لان الرياح تعصرها ويجوز أن يكون المراد من المعصرات الرياح التى حان لها ان تعصر السحاب فتمطر فهى ايضا اسم فاعل والهمزة للحينونة كذلك فان قيل لم لم تجعل الهمزة للتعدية قلنا لان الرياح عاصرة لا معصرة { ماء ثجاجا } اى منصبا بكثرة والمراد تتابع القطر حتى يكثر الماء فيعظم النفع به يقال ثج الماء اى سال بكثرة وانصب وثجه غيره اى اساله وصبه فهو لازم ومتعد ومن الثانى قوله عليه السلام "أفضل الحج العج والثج" اى رفع الصوت بالتلبية وصب دماء الهدى وفسره الزجاج بالصباب كأنه يثج نفسه مبالغة فيكون متعديا ولا منافاة بين هذا وبين قوله تعالى { وانزلنا من السماء ماء } فان ابتدآء المطر ان كان من السماء يكون الانزال منها الى السحاب ومنه الى الارض والا فانزاله منها باعتبار تكونه باسباب سماوية من جملتها حرارة الشمس فانها تثير وتصعد الاجزآء المائية من اعماق الارض الرطبة او من البحار والانهار الى جو الهوآء فتنعقد سحابا فتمطر فالانزال من المعصرات حقيتة ومن السماء مجاز باعتبار السببية والله مسبب الاسباب.