التفاسير

< >
عرض

جَزَآءً وِفَاقاً
٢٦
-النبأ

روح البيان في تفسير القرآن

{ جزآء وفاقا } اى جوزوا بذلك جزآء وفاقا لاعمالهم واخلاقهم كأنه نفس الوفاق مبالغة او ذا وفاق لها على حذف المضاف او وافقها وفاقا فيكون وفاقا مصدرا مؤكدا لفعله كجزآء والجملة صفة لجزآء وجه الموافقة بينهما انهم اتوا بمعصية عظيمة وهى الكفر فعوقبوا عقابا عظيما وهو التعذيب بالنار فكما انه لا ذنب اعظم من الشرك فكذا لاجزآء اقوى من التعذيب بالنار وجزآء سيئة سيئة مثلها فتوافقا وقيل كان وفاقا حيث لم يزد على قدر الاستحقاق ولم ينقص عنه قال سعدى المفتى اعلم ان الكفار لما كان من نيتهم الاستمرار على الكفر كما سيشير اليه قوله تعالى { انهم كانوا لا يرجون حسابا } اذ معناه انهم كانوا مستمرين على الكفر مع عدم توقع الحساب فوافقه عدم تناهى العذاب واللبث فيها احقابا بعد احقاب ولما كانوا مبدلين التصديق الذى يروح النفس ويثلج به الصدر بالتكذيب الذى هو ضده جوزوا بالحميم والغساق بدل ما يجعل للمؤمنين مما يروحهم من برد الجنة وشرابها وللمناسبة بين الماء والعلم يعبر الماء فى الرؤيا بالعلم وقال بعض اهل الحقائق ان جهنم الطبيعة الحيوانية يرصد فيها القوى البشرية وهى خزنة جهنم طبيعة ارباب النفوس الامارة والهوى المتبع للظالمين على نفوسهم بالاهوية والبدع والاباحة والزندقة والاتحاد والحلول والفضول مآبا لابثين فيها احقابا الى وقت الانسلاخ عن حكم البشرية والتلبس ملابس الشريعة وخلع الطريقة والحقيقة لا يذوقون فيها برد اليقين برفع الحجاب عن وجه بشريتهم ولا شراب المحبة لانهماكهم فى محبة الدنيا بسبب جهنم الطبيعة الا حميما وغساقا يسيل من صديد طبيعتهم وقال القاشانى الا حميما من اثر الجهل المركب وغساقا من ظلمة هيئات محبة الجواهر الفاسفة والميل اليها جزآء موافقا لما ارتكبوه من الاعمال وقدموه من العقائد والاخلاق وذلك العذاب لفساد العمل والعلم فلم يعملوا صالحا رجاء الجزآء ولم يعلموا علما صالحا فيصدقوا بالآيات.