التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ
٥
-النبأ

روح البيان في تفسير القرآن

{ ثم كلا سيعلمون } تكرير للردع والوعيد للمبالغة فى التأكيد والتشديد وثم للدلالة على ان الوعيد الثانى ابلغ واشد يعنى ان ثم موضوعة للتراخى الزمانى وقد تستعمل مجازا فى التراخى الرتبى اى لتباعد ما بين المعطوفين فى الشدة والفظاعة وذلك لتشبيه التباعد الرتبى بالتراخى الزمانى فى الاشتمال على مطلق التباعد ما بين الامرين والمعنى المجازى هو المراد هنا لان المقام مقام التشديد والتهديد وذلك انما يكون آكد بالحمل عليه وبعضهم حملها على معناها الحقيقى فقال سيعلمون حقيته عند النزع ثم فى يوم القيامة ولا شك ان القيامة متراخية بحسب الزمان عن وقت النزع او سيعلمون حقية البعث حين ان يبعثوا من قبورهم ثم حقية الجزآء بحسب العمل هذا وقد حمل اختلافهم فيه على مخالفتهم للنبى عليه السلام بأن يعتبر فى الاختلاف محض صدور الفعل عن المتعدد لا على مخالفة بعضهم لبعض من الجانبين لان الكل وان استحق الردع والوعيد لكن استحقاق كل جانب لهما ليس لمخالفته للجانب الآخر اذ لا حقية فى شئ منهما حتى يستحق من يخالفه المؤاخذة بل لمخالفته له عليه السلام فكلا ردع لهم عن التساؤل والاختلاف بالمعنيين المذكورين وسيعلمون وعيد لهم بطريق الاستئناف وتعليل للردع والسين للتقريب والتأكيد وليس مفعوله ما ينبئ عنه المقام من وقوع ما يتساءلون عنه ووقوع ما يختلفون فيه بل هو عبارة عما يلاقونه من فنون الدواهى والعقوبات والتعبير عن لقائها بالعلم لوقوعه فى معرض التساؤل والاختلاف والمعنى ليرتدهوا عما هم عليه فانهم سيعلمون عما قليل حقيقة الحال اذا حل بهم العذاب والنكال.