التفاسير

< >
عرض

وَٱلنَّازِعَاتِ غَرْقاً
١
-النازعات

روح البيان في تفسير القرآن

{ والنازعات غرقا } الواو للقسم والقسم يدل على عظم شأن المقسم به ولله تعالى أن يقسم بما شاء من مخلوقاته تنبيها على ذلك العظم والنازعات جمع نازعة بمعنى طائفة من الملائكة نازعة فأنثت صفة الملائكة باعتبار كونهم طائفة ثم جمعت تلك الصفة فقيل نازعات بمعنى طوائف من الملائكة نازعات وقس عليه الناشطات نحوه والافكان الظاهر أن يقال والنازعين والناشطين والنزع جذب الشئ من مقره بشدة والغرق مصدر بحذف الزوائد بمعنى الاغراق وهو بالفارسية غرقه كردن وكمان رزور كشيدن.
والغرق الرسوب فى الماء وفى البلاء فهو مفعول مطلق للنازعات لانه نوع من النزع فيكون شرطه موجودا وهو اتفاق المصدر مع عامله والاغراق فى النزع التوغل فيه والبلوغ الى اقصى درجاته يقال أغرق النازع فى القوس اذا بلغ غابة المد حتى انتهى الى النصل أقسم الله بطوآئف الملائكة التى تنزع ارواح الكفار من اجسادهم اغراقا فى النزع يعنى جان كافران بستختى نزع ميكنند.
وايضا ينزعونها منهم معكوسا من الانامل والاظفار ومن تحت كل شعرة كما تنزع الاشجار المتفرقة العروق فى اطراف الارض وكما ينزع السفود الكثير الشعب من الصوف المبلول وكما يسلخ جلد الحيوان وهو حى وكما يضرب الانسان ألف ضربة بالسيف بل اشد والملائكة وهم ملك الموت واعوانه من ملائكة العذاب يطعنونهم بحربة مسمومة بسم جهنم والميت يظن أن بطنه قد ملئ شوكا وكأن نفسه تخرج من ثقب ابره وكأن السماء انطبقت على الارض وهو بينهما فاذا نزعت نفس الكافر وهى ترعد اشبه شئ بالزئبق على قدر النحلة وعلى صورة عمله تأخذها الزبانية ويعذبونها فى القبر وفى سجين وهو العذاب الروحانى ثم اذا قامت القيامة انضم الجسمانى الى الروحانى فقوله والنازعات غرقا اشارة الى كيفية قبض ارواح الكفار بشهادة مدلول اللفظ.