التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ
٤٠
-النازعات

روح البيان في تفسير القرآن

{ واما من خاف مقام ربه } اى مقامه بين يدى مالك أمره يوم الطامة الكبرى يوم يتذكر الانسان ما سعى وذلك لعلمه بالمبدأ والمعاد فان الخوف من القيام بين يديه للحساب لا بد ان يكون مسبوقا بالعلم به تعالى وفى بعض التفاسير المقام اما مصدر ميمى بمعنى القيام او اسم مكان بمعنى موضع القيام اى المكان الذى عينه الله لان يقوم العباد فيه للحساب والجزآء وقيل المقام مقحم للتأكيد جعل الخوف مقابلا للطغيان مع ان الظاهر مقابلته للانقياد والاطاعة بناء على ان الخوف اول اسباب الاطاعة ثم الرجاء ثم المحبة فالاول للعوام والثانى للخواص والثالث لأخص الخواص { ونهى النفس عن الهوى } عن الميل اليه بحكم الجبلة البشرية ولم يعتد بمتاع الحياة الدنيا وزهرتها ولم يغتر بزخارفها وزينتها علما منه بوخامة عاقبتها والهوى ميلان النفس الى ما تشتهيه وتستلذه من غير داعية الشرع وفى الحديث ان اخوف ما اتخوف على امتى الهوى وطول الامل اما الهوى فيصد عن الحق واما طول الامل فينسى الآخرة قال بعض الكبار الهوى عبارة عن الشهوات السبع المذكورة فى قوله تعالى { زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث } وقد أدرجها الله فى امرين كما قال انما الحياة الدنيا لعب ولهو ثم ادرجها فى أمر واحد وهو الهوى فى الآية فالهوى جامع لانواع الشهوات فمن تخلص من الهوى فقد تخلص من جميع القيود والبرازخ قال سهلرحمه الله لا يسلم من الهوى الا الانبياء وبعض الصديقين ليس كلهم وانما يسلم من الهوى من ألزم نفسه الأدب وقال بعضهم حقيقة الانسان هى نفسه لا شئ زآئد عليها وقال تعالى ونهى النفس عن الهوى فمن الناهى لها تأمل انتهى.
يقول الفقير ان الانسان برزخ بين الحقيقة الالهية والحقيقة الكونية وكذا بين الحقيقة الملكية والحقيقة الحيوانية فهو من حيث الحقيقة الاولى ينهى النفس من حيث الحقيقة الثانية كما ان النبى عليه السلام يخاطب نفسه بقوله عليه السلام السلام عليك أيها النبى من جانب مليكته الى جانب بشريته او من مقام جمعه الى مقام فرقه.