التفاسير

< >
عرض

وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله فَإِنِ انْتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٣٩
وَإِن تَوَلَّوْاْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ
٤٠
-الأنفال

روح البيان في تفسير القرآن

{ وقاتلوهم } [وكار زار كنيداى مؤمنان بأهل كفر] { حتى } الى ان { لا تكون } توجد منهم { فتنة } اى شرك يعنى [مشرك نمانداز وثنى واهل كتاب] { ويكون الدين كله لله } وتضمحل الاديان الباطلة اما باهلاك اهلها جميعا او برجوعهم عنها خشية القتل { فان انتهوا } عن الكفر { فإِن الله بما يعملون بصير } فيجازيهم على انتهائهم عنه واسلامهم { وإِن تولوا } اى اعرضوا عن قبول الحق { فاعلموا أَن الله موليكم } ناصركم فثقوا به ولا تبالوا بمعاداتهم { نعم المولى } لا يضيع من تولاه { ونعم النصير } لا يغلب من نصره.
وفى الآية حث على الجهاد وفى الحديث
"موقف ساعة فى سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الاسود"
. وعن معاذ بن جبل قال عهد الينا رسول الله فى خمس من فعل واحدة منهن كان ضامنا على الله تعالى من عاد مريضا او خرج مع جنازة او خرج غازيا فى سبيل الله او دخل على امام يريد بذلك تعزيره وتوقيره او قعد فى بيته فسلم وسلم الناس منه وعن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من خرج حاجا فمات كتب الله له اجر الحاج الى يوم القيامة ومن خرج معتمرا فمات كتب الله له اجر الغازى الى يوم القيامة"
. فعلى العاقل ان يجتهد فى احياء الدين بما امكن له من الاسباب ويتوقع النصرة الموعودة من رب الارباب ولا يلتفت الى مخلوق مثله فانهما سيان فى باب العجز خصوصا اذا كان استمداده من الفسقة كما يفعل ولاة الزمان فانه لا يجيئ خير لاهل الخير من اهل الشر والعدوان ونعم ما قيل

دركار دين زمردم بى دين مدد مخواه ازماه منخسف مطلب نور صبحكاه

ثم ان حقيقة النصرة ان ينصرك الله تعالى على نفسك التى هى اعدى عدوك بقهر هواها وقمع مشتهاها فان انفتاح باب الملك فى الانفس سبب وطريق لانفتاح باب الملك فى الآفاق وكذا الملكوت

دوستئ نفس را بكذار ازهوس همجو مردان طالب حق باش بى جوياى نفس

والاشارة { وقاتلوهم } كفار النفوس والهوى بسيف الصدقة { حتى لا تكون فتنة } النفس والهوى آفة مانعة لكم عن الوصول الى عالم الحقيقة { ويكون الدين كله لله } ببذل الوجود فقد الموجود لنيل الجود { فان انتهوا } اى النفوس عن معاملاتها وتبدلت عن اوصافها وطاوعت القلوب والارواح وصارت مأمورة مطمئنة تحت الاحكام { فإِن الله بما يعملون } فى عبوديته وصدق طلبه { بصير } لا يخفى عليه نقيرها وقطميرها فيجازيهم على قدر مساعيهم { وإِن تولوا } اى وان اعرضوا عن الحقوق واقبلوا الى الشهوات والحظوظ فاعلموا ايها القلوب والارواح { أَن الله مولاكم } فى الهداية وناصركم على قهر النفوس وقمع الهوى { نعم المولى } الذى هو وليكم لتهتدوا به اليه { ونعم النصير } فى دفع ما يقطعكم عنه وناصركم فى الوصول اليه.
واعلم ان النور الذى فى حقائق ما يستفاد من معانى الاسماء والصفات جند القلب الذى يقابل النفس والهوى والشيطان ونحو ذلك كما ان الظلمة التى هى معانى ما يستفاد من الهوى والعوائد الرديئة جند النفس التى بها تتقوى آثارها والحرب بينهما سجال فاذا اراد الله ان ينصر عبده على ما طلب منه امد بجنود الانوار فكلما اعترته ظلمة قام لها نور فأذهبها وقطع عنه مواد الظلم والاغيار فلم يبق للهوى مجال ولا للشهوة والاخلاق الذميمة مقال ولا حال كذا فى التأويلات النجمية.
وفي شرح الحكم العطائية: تسأل الله سبحانه ان يمدنا بما امد به اخياره ويفيض علينا من سجال فيضه انواره.