التفاسير

< >
عرض

وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ ٱللَّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
٧١
-الأنفال

روح البيان في تفسير القرآن

{ وإن يريدوا } يعنى الاسرى { خيانتك } اى نقض ما عاهدوك عليه من الاسلام بالارتداد على دين آبائهم { فقد خانوا الله من قبل } بكفرهم ونقض ما اخذ عل كل عاقل من ميثاقه فى الازل { فامكن منهم } اى اقدر عليهم كما فعل يوم بدر فان اعادوا الخيانة فيمكنك منهم ايضا يقال مكنه من الشيء وامكنه منه اى اقدره عليه فتمكن منه { والله عليم } فيعلم ما فى نياتهم وما يستحقونه من العقاب

برو علم يك ذره بوشيده نيست كه بيدا وبنهان بنزدش يكسيت

{ حكيم } يفعل كل ما يفعل حسبما تقتضيه حكمته البالغة
وفى بعض الروايات ان العباس كان قد اسلم قبل وقعة بدر ولكن لم يظهر اسلامه لانه كان له ديون متفرقة فى قريش وكان يخشى ان اظهر اسلامه ضياعها عندهم وانما كلفه النبى عليه السلام الفداء لانه كان عليه ظاهر الاله ولما كان يوم فتح مكة وقهرهم الاسلام اظهر اسلامه
"ولم يظهر النبى عليه السلام اسلام العباس رفقا به كيلا يضيع ماله عند قريش وكان قد استأذن النبى عليه السلام فى الهجرة فكتب اليه يا عم اقم مكانك الذى انت فيه فان الله تعالى يختم بك الهجرة كما ختم بى النبوة" فكان كذلك.
وفى الآية بيان قدرة الله تعالى وان مريد الخلاص من يد قهره فى الدنيا والآخرة لا يجد اليه سبيلا إلا بالايمان والاخلاص فهو القادر القوى الخالق وما سواه العاجز الضعيف المخلوق. وفى الخبر ان النبى عليه السلام قال
"ان الله تعالى قال قل للقوى لا يعجبنك قوتك فان اعجبتك قوتك ادفع الموت عن نفسك وقل للعالم لا يعجبنك علمك فان اعجبك فاخبرنى متى اجلك وقل للغنى لا يعجبنك غناك فان اعجبك فاطعم خلقى غداء واحدا"
.وفى الآيه اشارة الى النفوس المأسورة التى اسرت فى الجهاد الاكبر عند استيلاء سلطان الذكر عليها والظفر بها ان اطمأنت الى ذكر الله والعبودية والانقياد تحت احكامه يؤتها الله نعيم الجنة ودرجاتها وهى خير من شهوات الدنيا ويعيمها وزينتها فان الدنيا ونعيمها فانية والجنة ونعيمها باقية وخيانة النفس التجاوز عن حد الشريعة والطريقة.
يقال ان متابعة سبعة اصناف اورثت سبعة اشياء. الاول ان متابعة النفس اورثت الندامة كما قال تعالى فى قتل قابيل هابيل
{ { فطوعت له نفسه قتل اخيه فقتله فاصبح من الخاسرين } [المائدة: 30] والثانى ان متابعة الهوى اورثت البعد كما قال لبلعام { { واتبع هواه فمثله كمثل الكلب } [الأعراف: 176].
يعنى فى البعد والخساسة والثالث ان متابعة الشهوات اورثت الكفر كما قال تعالى
{ { واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا } [مريم: 59] يعنى الكفر. والرابع ان متابعة فرعون اورثت الغرق فى الدنيا والحرق فى الآخرة كما قال تعالى { { فاتبعوا أمر فرعون } [هود: 97] الى قوله { { فأوردهم النار } [هود: 98] والخامس ان متابعة القادة الضالة اورثت الحسرة كما قال تعالى { { إذ تبرأ الذين اتبعوا } [البقرة: 166].
الى قوله
{ { كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار } [البقرة: 167] والسادس ان محبة النبى عليه السلام اورثت المحبة كما قال الله تعالى { { قل ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله } [آل عمران: 31].
والسابع ان متابعة الشيطان اورثت جهنم كما قال تعالى
{ { ان عبادى ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين وان جهنم لموعدهم اجمعين } [الحجر: 42-43]