التفاسير

< >
عرض

بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ
٩
-التكوير

روح البيان في تفسير القرآن

{ بأى ذنب } من الذنوب الموجبة للقتل عقلا ونقلا { قتلت } قتلها أبوها حية فعلا او رضى وتوجيه السؤال اليها لتسليتها واظهار كمال الغيظ والسخط لوآئدها واسقاطه عن درجة الخطاب والمبالغة فى تبكيته كما فى قوله تعالى { انت قلت لناس اتخذونى وامى الهين } ولذا لم يسأل الوائد عن موجب قتله لها وجه التبكيت ان المجنى عليه اذا سئل بمحضر من الجانى ونسب اليه الجناية دون الجانى كان ذلك بعثا للجانى على التفكر فى حال نفسه وحال المجنى عليه فيعثر على برآءة ساحة صاحبه وعلى انه هو المستحق لكل نكال فيفحم وهذا نوع من الاستدراج واقع على طريق التعريض وهو أبلغ فلذلك اختير على التصريح وانما قيل قتلت على الغيبة لما ان الكلام اخبار عنها لا حكاية لما خوطبت به حين سئلت ليقال قتلت على الخطاب وعلى قرآءة سألت اى الله او قاتلها لا حكاية لكلامها حين سئلت ليقال قتلت على الحكاية عن نفسها وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه سئل عن اطفال المشركين فقال لا يعذبون واحتج بهذه الآية فانه يثبت بها ان التعذيب لا يستحق الا بالذنب وعن ابن مسعود رضى الله عنه ان الوآئدة والموءودة فى النار اى اذا كانت الموءودة بالغة وفيه اشارة الى ان الاعمال المشوبة بالرياء المخلوطة بالسمعة والهوى سئلت بأى سبب ابطلت نوريتها وروحانتيها وأيضا سئلت موءودة النفس الناطقة التى أثقلتها وآئدة النفس الحيوانية فى قبر البدن وأهلكتها بأى ذنب قتلت اى طلب اظهار الذنب الذى به استولت النفس الحيوانية على الناطقة من الغضب او الشهوة او غيرهما فمنعتها عن خواصها وافعالها واهلكتها فأظهر فكنى عن طلب اظهاره بالسؤال ولهذا قال عليه السلام "الوآئدة والموءودة فى النار" لان النفس الناطقة فى النار مقارنة للنفس الحيوانية كذا قال القاشانى.