التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ
٧
-الانفطار

روح البيان في تفسير القرآن

{ الذى خلقك } صفة ثانية مقررة للربوبية مبينة للكرم لان الخلق اعطاء الوجود وهو خير من العدم منبهة على ان من قدر على الخلق وما يليه بدأ قدر عليه اعادة اى خلقك بعد أن لم تكن شيا { فسواك } اى جعل اعضاءك سوية سليمة معدة لمنافعها اى بحيث يترتب على كل عضو منها منفعته التى خلق ذلك العضو لاجلها كالبطش لليد والمشى للرجل والتكلم للسان والابصار للبصر والسمع للاذن الى غير ذلك { فعدلك } عدل بعض تلك الاعضاء ببعض بحيث اعتدلت ولم تتفاوت مثل أن تكون احدى اليدين او الرجلين او الاذنين أطول من الآخرى أو تكون احدى العينين اوسع من الاخرى او بعض الاعضاء ابيض وبعضها اسود أو بعض الشعر فاحما وبعضه أشقر قال علماء التشريح انه تعالى ركب جانبى هذه الجثة على التساوى حتى انه لا تفاوت بين نصفيه لا فى العظام ولا فى اشكالها ولا فى الاوردة والشرايين والاعصاب النافذة فيها والخارجة منها فكل ما فى احد الجانبين مساو لما فى الجانب الآخر ويقال عدله عن الطريق اى صرفه فيكون المعنى فصرفك عن الخلقة المكروهة التى هى لسائر الحيوانات وخلقك خلقة حسنة مفارقة لسائر الخلق كما قال تعالى فى احسن تقويم وقرئ فعدلك بالتشديد اى صيرك معتدلا متناسب الخلق من غير تفاوت فيه فهو بالمعنى الاول من المخفف وقال الجنيد قدس سره تسوية الخلقة بالمعرفة وتعديلها بالايمان وقال ذو النون قدس سره اوجدك فسخر لك المكونات اجمع ولم يسخرك لشئ منها وفى التأويلات النجمية يا أيها الانسان المخلوق على صورته كأنك غرك كمال المظهرية وتمام المضاهاة خلقك فى احسن صورة فسواك فى احسن تقويم فجعل بنيتك الصورية وبنيتك المعنوية سليمة مسواة ومعتدلة ومستعدة لقبول جميع الكمالات الالهية والكيانية كما قال عليه السلام "اوتيت جوامع الكلم" اى الكلم الالهة والكلم الكيانية