التفاسير

< >
عرض

فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ
١٦
-الانشقاق

روح البيان في تفسير القرآن

{ فلا } كلمة لا صلة للتوكيد كما مر مرارا { أقسم بالشفق } هى الحمرة التى تشاهد فى أفق المغرب بعد الغروب وبغيبوبتها يخرج وقت المغرب ويدخل وقت العشاء عند عامة العلماء او البياض الذى يليها ولا يدخل وقت العشاء الا بزواله. وجمعى برآنندكه آن بياض اصلا غائب نمى شودبلكه متردداست از أفقى بافقى. وقد سبق تحقيق المقام فى المزمل وهى احدى روايتين عن ابى حنيفة رضى الله عنه ويروى انه رجع عن هذا القول ومن ثمة كان يفتى بالاول الذى هو قول الامامين وغيرهما سمى به يعنى على كل من المعنين لرقته لكن مناسبته لمعنى البياض اكثر وهو من الشفقة التى هى عبارة عن رقة القلب ولا شك ان الشمس أعنى ضوءها يأخذ فى الرقة والضعف من غيبة الشمس الى ان يستولى سواد الليل على الآفاق كلها وعن عكرمة ومجاهد الشفق هو النهار بناء على ان الشفق هو اثر الشمس وهو كوكب نهارى واثره هو النهار فعلى هذا يقع القسم بالليل والنهار اللذين احدهما معاش والآخر سكن وبهما قوام امور العالم وفى المفردات الشفق اختلاط ضوء النهار بسواد الليل عند غروب الشمس.
قال القاشانى فلا اقسم بالشق اى النورية الباقية من الفطرة الانسانية بعد غروبها واحتجابها فى أفق البدن الممزوجة بظلمة النفس عظمها بالاقسام بها لا مكان كسب الكمال والترقى فى الدرجات بها وفى التأويلات النجمية يشير الى أن الله تعالى أقسم بالشفق لكونه مظهر الوحدة الحقيقة الذاتية والكثرة النسبية الاسمائية وذلك لان الشفق حقيقة برزخية بين سواد ليل الوحدة وبياض نهار الكثرة والبرزخ بين الشيئين لا بد له من قوة كل واحد منهما فيكون جامعا لحكم الوحدة والكثرة فحق له أن يقسم به وانما جعل الليل مظهر الوحدة لاستهلاك الاشياء المحسوسة فيه استهلاك التعينات فى حقيقة الوحدة ويدل عليه قوله
{ وجعلنا الليل لباسا } لاستتار الاشياء بظلمته { وجعلنا النهار معاشا } مظهر الكثرة لظهور الاشياء فيه ولاشتمال المعاش على الامور الكثيرة.