التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ
٦
-الانشقاق

روح البيان في تفسير القرآن

{ يا أيها الانسان } جنس الانسان الشامل للمؤمن والكافر والعاصى فالخطاب عام لكل مكلف على سبيل البدل يقال هذا ابلغ من العموم لانه يقوم مقام التنصيص فى الندآء على مخاطبة كل واحد بعينه كأنه قيل يا فلان ويا فلان الى غير ذلك { انك كادح الى ربك كدحا } الكدح جهد النفس فى العمل والكد فيه بحيث يؤثر فيها والجهد بالفتح بمعنى المشقة والتعب والكد السعى الشديد فى العمل وطلب الكسب من كدح جلده اذا خدشه والمعنى انك جاهد ومجد اى ساع باجتهاد ومشقة الى لقاء ربك اى الى وقت لقائه وهو الموت وما بعده من الاحوال الممثلة باللقاء مبالغ فى ذلك وفى الخبر انهم قالوا يا رسول الله فيم نكدح وقد جفت الاقلام ومضت المقادير "فقال اعملوا فكل ميسر لما خلق له" { فملاقيه } فملاق له اى لجزآء عملك من خير وشر عقيب ذلك لا محالة من غير صارف يلويك عنه ولا مفر لك منه ويقال انك عامل لربك عملا فملاق عملك يوم القيامة يعنى ان جدك وسعيك الى مباشرة الاعمال فى الدنيا هو فى الحقيقة سعى الى لقاء جزآئها فى العقبى فملاق ذلك الجزآء لا محالة فعليك ان تباشر فى الدنيا بما ينجيك فى العقبى واحذر عما يهلكك فيها ويوقعك فى الخجالة والافتضاح من سوء المعاملة وفى الحديث النادم ينتظر الرحمة والمعجب ينتظر المقت وكل عامل سيقدم الى ما اسلف وقال القاشانى انك ساع بالموت اى تسير مع انفاسك سريعا كما قيل انفاسك خطاك فملاقيه ضرورة فالضمير للرب وفى التأويلات النجمية يشير الى الانسان المخلوق على صورة ربه وكدحه واجتهاده فى التحقق بالاسماء الآلهية والصفات اللاهوتية فهو ملاقى ما يكدح ويجتهد بحسب استعداده الفطرى.