التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ ٱلْحَرِيقِ
١٠
-البروج

روح البيان في تفسير القرآن

{ ان الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات } الفتن الاحراق والفتنة بالفارسية آزون. اى محنوهم فى دينهم وآذوهم وعذبوهم بأى عذاب كان ليرجعوا عنه كاصحاب الاخدود ونحوهم كما روى ان قريشا كانوا يعذبون بلالا ونحوه فالموصول اللجنس وانما لم يدفع البلاء قبل الابتلاء لان أهل الولاء لا يخلو عن البلاء

وهيهات هيهات الصفاء لعاشق وجنة عدن بالمكاره حفت

{ ثم } اى بعدما فعلوا ما فعلوا من الفتنة { لم يتوبوا } اى عن كفرهم وفتنتهم فان ما ذكر من الفتنة فى الدين لا يتصور من دين الكافر قطعا وفى ايراد ثم اشعار بكمال حلمه وكرمه حيث لا يعجل فى القهر ويقبل التوبة وان طالت مدة الحوية قال الامام وذلك يدل على ان توبة القاتل عمدا مقبولة.
{ فلهم } فى الآخرة بسبب كفرهم { عذاب جهنم } يعذبون به أبدا
{ ولهم } بسبب فتنتهم للمؤمنين { عذاب الحريق } او عذاب عظيم زآئد فى الاحراق على عذاب سائر أهل جهنم فظهرت المغايرة بين المعطوفين وان كان كل منهما حاصلا فى الآخرة ويحتمل أن يكون المراد بعذاب جهنم بردها وزمهريرها وبعذاب الحريق حرها فيرددون بين برد وحر على أن يكون الحر لاحراقهم المؤمنين فى الدنيا والبرد لغيره كما قالوا الجزآء من جنس العمل والحريق اسم بمعنى الاحتراق كالحرقة وقول الكاشفى فى تفسيره عذاب الحريق عذاب آتش سوزان. يشير الى ان الحريق بمعنى النار المحرقة كما قال فى المفردات الحريق النار وكذا الحرق بالتحريك بالنار أو لهبها كما فى القاموس وحرق الشئ ايقاع حرارة فى الشئ من غير لهب كحرق الثوب بالدق والاحراق ايقاع نار ذات لهب فى شئ ومنه استعير أحرقنى بلومه اذا بالغ فى أذيته بلوم يقول الفقير الظاهر أن الحريق هنا بمعنى المحرق كالأليم بمعنى المؤلم فيكون اضافة العذاب الحريق من قبيل اضافة الموصوف الى صفته ويستفاد زيادة الاحراق من المقابلة فان العطف من باب الترقى بحسب العذاب المترتب على الترقى من حيث العمل.