التفاسير

< >
عرض

فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً
١٧
-الطارق

روح البيان في تفسير القرآن

{ امهلهم } بدل من مهل وهما اى التمهيل والامهال لغتان كما قال تعالى ومهلهم قليلا (روى) عن همام مولى عثمان رضى الله عنه انه قال لما كتبوا المصحف شكوا فى ثلاث آيات فكتبوا فى كتف شاة وارسلونى الى أبى ابن كعب وزيد بن ثابت رضى الله عنهما فدخلت عليهما فناولتها أبي فقرأها فاذا هى فيها لا تبديل للخلق فكتب لا تبديل لخلق الله وكان فيها لم يتسن فكتب لم يتسنه وكان فيها فأمهل الكافرين فمحا الالف وكتب فمهل الكافرين ونظر فيها زيد بن ثابت فانطلقت بها اليهم فاثبتوها فى المصحف وفيه اشارة الى ان الله تعالى حافظ للقرءآن من التحريف والتبديل لانه اثبته فى صدور الحفاظ والى ان المشكلات يرجع فيها الى اهل الحل { رويدا } يقال ارود يرود اذا رفق وتأنى ومنه بنى رويد كما فى المفردات وفى الارشاد هو فى الاصل تصغير رود بالضم وهو المهل اوارواد مصدر أورد بالترخيم وهو اما مصدر مؤكد لمعنى العامل او نعت لمصدره المحذوف اى امهلهم امهالا رويدا اى قريبا او قليلا يسيرا فان كل آت قريب كما قالوا كرجه قيامت دير آيد ولى مى آيد. وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما فيه من الرمز الى قرب وقت الانتقام من الاعدآء وفى كشف الاسرار وما كان بين نزول هذه الآية وبين وقعة بدر الا زمان يسير (حكى) انه دخل ابن السماك على هرون الرشيد فطلب هرون منه العظة وقد جلس فى حصير فقال يا أمير المؤمنين لتواضعك فى شرفك أفضل من شرفك قال الرشيد ما سمعت شيأ احسن من هذا فقال بلى يا أمير المؤمنين من اعطى مالا وجمالا وسلطانا وشرفا فتواضع فى شرفه وعف فى جماله وواسى من فضل ماله وعدل فى سلطانه كتب فى ديوان المخلصين فدعا الرشيد بالقرطاس فكتبها ثم قال زدنى فقال يا أمير المؤمنين لقد امهل حتى كأنه اهمل ولقد ستر حتى كأنه غفر ثم قال يا أمير المؤمنين هب كأن الدينا كلها فى يديك والاخرى مثلها ضمت اليك هب كان الشرق والغرب يجيى اليك فاذا جاء ملك الموت فمذا فى يديك قال زدنى فقال لم يبق من لدن آدم الى يومنا هذا احد الا وقد ذاق الموت قال زدنى فقال انهما موضعان اما جنة واما نار قال حسبى ثم غشى عليه قال ابن السماك دعوه حتى يموت فلما أفاق امر له بجائزة فقيل له انه قال كذا فسأله الرشيد عن ذلك فقال يا أمير المؤمنين اى شئ أحسن من ان يقال ان أمير المؤمنين مات من خشية الله فاستحسن كلامه واحترمه (قال الحافظ) بمهلتى كه سبهرت دهد زراه مرو. تراكه كفت كه اين زال ترك دستان كرد. فطوبى لمن قصر امله وطال عمره وحسن عمله والله نسأل ان لا يجعلنا من المغترين.
تمت سورة الطارق باعانة خالق النجوم البوارق يوم الاحد الرابع عشر من شهر ربيع الأول من سنة سبع عشرة ومائة وألف.