التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ
٣
-الأعلى

روح البيان في تفسير القرآن

{ والذى قدر } معطوف على الموصول الاول اى قدر أجناس الاشياء وانواعها وافرادها ومقاديرها وصفاتها وأفعالها وآجالها كما قال عليه السلام "ان الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والارض بخمسين ألف سنة" اى جعل أجناس الاشياء وكذا اشخاس كل نوع بمقدار معلوم وكذا جعل مقدار كل شخص فى جئته وأوضاعه وسائر صفاته كالحسن والقبح والسعادة والشقاوة والهداية والضلالة والالوان والاشكال والطعوم والروآئح والارزاق والآجال وغير ذلك بمقدار معلوم كما قال وان من شئ الا عندنا خزآئنه وما ننزله الا بقدر معلوم { فهدى } فوجه كل واحد منها الى ما يصدر عنه وينبغى له طبعا او اختيارا ويسره لما خلق له بخلق الميول والهامات ونصب الدلائل وانزال الآيات ولو تتبعت أحوال النباتات والحيوانات لرأيت فى كل منها ما يحار فيه العقول (يحكى) ان الافعى اذا بلغت ألف سنة عميت وقد ألهمها الله أن تمسح عينيها بورق الرازيانج الغض فيرد اليها بصرها فربما كانت عند عروض العمى لها فى برية بينها وبين الريف مسافة طويلة فتطويها على طولها وعلى عماها حتى تهجم فى بعض البساتين على شجرة الرازيانج لا تخطئها فتحك عينيها بورقها وترجع باصرة باذن الله تعالى (ويحكى) ان التمساح لا يكون له دبر وانما يخرج فضلات ما يأكله من فيه حيث قيض الله له طائرا قدر الله غذآءه من ذلك فاذا رآء التمساح يفتح فمه فيدخله الطائر فيأكل ما فيه وقد خلق الله له من فوق منقاره ومن تحته قرنين لئلا يطبق عليه التمساح فمه والتمساح خلق كالسلحفاة ضخم يكون بنيل مصر وبنهر مهران فى السند كما فى القاموس ويختطف البهائم والآدميين وربما بلغ طوله عشرين ذراعا وهو يبيض فى البر فما وقع من ذلك فى الماء صار تمساحا وما بقى صار سقنقورا وهى دابة بمصر شكلها كالوزغة على عظم خلقته وهو أنفس ما يهدى لملوك الهند فانهم يذبحونه بسكين من الذهب ويحشونه من ملح مصر ويحملونه كذلك الى أرضهم فاذا وضعوا مثقالا من ذلك على بيض او لحم واكل نفع ذلك نفعا بليغا والسقنقور والضب والسلحفاة للذكر منها ذكران وللانثى فرجان ومن عجائب هداياته تعالى ان القطا وهو طائر يترك فراخه ثم يطلب الماء من عشرة ايام واكثر فيرده فيما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس ثم يرجع فلا يخطئ لا ذهابا ولا ايابا والجمل والحمار اذا سلكا طريقا فى الليلة الظلماء ففى المرة الثانية لا يخطئان والدبة اذا ولدت ولدها رفعته فى الهوآء يومين خوفا من النمل لانها تضعه قطعة لحم غير متميزة الجوارح ثم يتميز اولا فأولا واذا جمع العقرب والفأرة فى اناء زجاج قرضت الفأرة ابرة العقرب فتسلم منها (وحكى) ان ابن عرس تبع فأره فصعدت شجرة ولم يزل يتبعها حتى انتهت الى رأس الغصن ولم يبق مهرب فنزلت على ورقة وعضت طرفها وعلقت نفسها فعند ذلك صاح ابن عرس فجاءته زوجته فلما انتهت الى تحت الشجرة قطع ابن عرس الورقة التى عضتها الفأرة فسقطت فاصطادها ابن عرس الذى كان تحت الشجرة والفأرة تدخل ذنبها فى قارورة الدهن ثم تلحسه والثعلب اذا اجتمع فى جلده البق الكثير والبعوض يأخذ بقيه قطعة جلد من الحيوان فينغمس فى الماء فاذا اجتمعت فى الفر وألقاه فى الماء وخرج سالما والعنكبوت تبنى بيتها على وجه عجيب غير مقدور والبشر لا يقدر على بناء البيت المسدس الا بالالبركار والمسطر والنحل تبنى تلك البيوت من غير آلة والنمل تسعى لاعداد الذخيرة لنفسها فاذا أحست بنداوة المكان تشق الحبة نصفين لئلا تنبت واذا وصلت النداوة اليها تخرجها الى الشمس لتجف قال بعضهم رأيت غواصا وهو طائر غاص وطلع بسمكة فغلبه الغراب عليها فأخذها منه فغاص مرةأخرى فطلع فأخذها منه الغراب وفى الثالثة كذلك فلما اشتغل الغراب بالسمكة وثب الغواص فأخذ برجل الغراب وغاص به تحت الماء حتى مات الغراب وخرج هو من الماء وفى الحديث "لا تشوبوا اللبن بالماء فان رجلا كان فيمن كان قبلكم يبيع اللبن ويشوبه بالماء فاشترى قردا وركب البحر حتى اذا لجج فيه ألهم الله القرد فأتى صرة الدنانير فأخذها وصعد الدقل وهو سهم السفينة ففتح الصرة وصاحبها ينظر اليها فأخذ دينارا ورمى به فى البحر ودينارا فى السفينة حتى قسمها نصفين فالقى ثمن الماء فى الماء" وفى عجائب المخلوقات ان شخصا قتل شخصا بأصفهان وألقاه فى بئر وللمقتول كلب يرى ذلك فكان يأتى كل يوم الى رأس البئر وينحى التراب عنها واذا رأى القاتل نبح عليه فلما تكرر منه ذلك حفروا الموضع فوجدوا القتيل ثم اخذوا الرجل فاقر فقتل به ومن عجيب شجرة النخل ان يعرض لها العشق وهى أن تميل الى الى نخلة أخرى فيخف حملها وتهزل وعلاجها أن يشد بينها وبين معشوقها الذى مالت اليه بحبل او يعلق عليها سعفة منه او يجعل فيها من طلعه وامثال هذا لا تحيط بها العبارة والتحرير كثرة.