التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ
٧
-الأعلى

روح البيان في تفسير القرآن

{ الا ما شاء الله } استثناء مفرغ من اعم المفاعيل اى لا تنسى شيأ من الاشياء مما تقرأ الا ما شاء الله أن تنساه ابدا بأن نسخت تلاوته فان النسخ نوع من الانساء وطريق من طرقه فكأنه بالنسخ محى من الصحف والصدور فالمراد بالنسيان هو النسيان الكلى الدآئم بحيث لا يعقبه التذكر بعده ويجوز بأن يراد به النسيان المتعارف الذى يعقبه الذكر بعده وهو النسيان فى الجملة على القلة والندرة اى فلا تنسى الا ما شاء الله نسيانه ثم لا يبقى المنسى منسيا دآئما بل يعقبه الذكر كما هو المفهوم من المقام ويؤيد هذا المعنى ما روى انه عليه السلام أسقط آية فى قرآءته فى الصلاة فحسب أبى رضى الله عنه انها نسخت فسأله فقال عليه السلام "نسيتها" (وروى) ان بعض الصحابة رضى الله عنهم كان يقرأ القرءآن فى الليل فقال عليه السلام "لقد أذكرنى آية أنسيتها" ومن هذا كان عليه السلام يقول فى دعائه "اللهم ارحمنى بالقرءآن العظيم واجعله لى اماما ونورا وهدى ورحمة اللهم ذكرنى منه ما نسيت وعلمنى منه ما جهلت وارزقنى تلاوته آناء الليل واطراف النهار واجعله حجة لى يا رب العالمين" وكان عليه السلام يقول "انما أنا بشر انسى كما تنسون فاذا نسيت فذكرونى" وقال تعالى { واذكر ربك اذا نسيت } ودل الكل على جواز طريان النسيان عليه وان لم يكن سهوه ونسيانه من قبيل سهو الامة ونسيانهم فانه اهل الحضور الدآئم روى عن جعفر الصادق رضى الله عنه انه عليه السلام كان يقرأ من الكتاب وان كان لا يكتب وفيه معجزة له عليه السلام فانه كان أميا وقد جعله الله قارئا ثم انه كان يقرأ من الحفظ ومن الصحيفة ايضا من غير تعلم الخط وكان منبع الكمالات كلها حتى انه علم الكتاب الخط وقوانينه وأصحاب الحرف دقائق حرفتهم. { انه يعلم الجهر وما يخفى } تعليل لما قبله وما موصولة وكل من الجهر والاخفاء شامل لما كان من قبيل القول والعمل والاخفاء والاخفاء لما فى الضمائر من النيات اى يعلم ما ظهر وما بطن من الامور التى من جملتها ما أوحى اليك فينسى ما يشاء انساءه ويبقى محفوظا ما يشاء ابقاءه لما نيط بكل منهما من مصالح دينكم.