التفاسير

< >
عرض

وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ
٨
فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ
٩
سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ
١٠
وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى
١١
-الأعلى

روح البيان في تفسير القرآن

{ ونيسرك لليسرى } عطف على نقرئك واليسرى فعلى من اليسر وهو السهولة ويسرت كذا سهلت وهيأت وضمن نيسرك معنى التوفيق ولذا عدى بدون اللام والا فالعبارة المعتادة أن يقال جعل الفعل الفلانى ميسرا لفلان لاأن يقال جعل فلان ميسرا للفعل الفلانى كما فى الآية فانه قيل ونيسرك لليسرى لا ونيسر اليسرى لك وقال بنون العظمة لتكون عظمة المعطى دليلا على عظمة العطاء وفى الارشاد تعليق التيسير به عليه السلام مع ان الشائع تعليقه بالامور المسخرة للفاعل كما فى قوله تعالى { ويسر لى أمرى } للايذان بقوة تمكينه عليه السلام من اليسرى والتصرف فيها بحيث صار ذلك ملكة راسخة له كأنه عليه السلام جبل عليها كما فى قوله عليه السلام "اعملوا فكل ميسر لما خلق له" والمعنى ونوفقك توفيقا مستمرا توفيقا للطريقة اليسرى اى التى هى أيسر وأسهل فى كل باب من ابواب الدين علما وتعليما واهتدآء وهداية فيندرج فيه تيسير طريق تلقى الوحى والاحاطة بما فيه من احكام الشريعة السمحة والنواميس الالهية مما يتعلق بتكميل نفسه عليه السلام وتكميل غيره كما يفصح عنه الفاء فى قوله تعالى { فذكر ان نفعت الذكرى } اى فذكر الناس حسبما يسرناك له بما يوحى اليك واهدهم الى ما فى تضاعيفه من الاحكام الشرعية كما كنت تفعله ان نفع التذكير والعظة والنصيحة وتقييد التذكير بنفع الذكرى لما ان رسول الله عليه السلام طالما كان يذكرهم ويستفرغ فيه جهده حرصا على ايمانهم وكان لا يزيد ذلك بعضهم الا كفرا وعنادا فأمر عليه السلام بأن يخص التذكير بمدار النفع فى الجملة بأن يكون من يذكره كلا او بعضا ممن يرجى منه التذكر ولا يتعب نفسه فى تذكير من لا يزيده التذكير الا عتوا ونفورا من المطبوع على قلوبهم كما فى قوله تعالى { فذكر بالقرءآن من يخاف وعيد } حرف الشك راجع الى النبى عليه السلام لا الى الله وفى كشف الاسرار ان تجيئ فى العربية مثبتة لا لشرط فتكون بدل قد كقوله { وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين } وقد علم عليه السلام ان الذكرى تنفع لا محالة اما فى ترك الكفر او ترك المعصية او فى الاستكثار من الطاعة فهو حث على ذلك وتنبيه على انها تنفع الا أن يكون مطبوعا على قلبه غير مستعد للقبول فالنفع مشروط بشرط الاستعداد

زمين شوره سنبل بر نيارد در وتخم عمل صابع مكردان

والحاصل ان التذكير خاص بالمنتفع وذلك فى النهاية واما فى البداية فعام وما على الرسول الا البلاغ

من آنجه شرط بلاغست باتوميكويم توخواه ازسخنم بندكير وخواه ملال

قال القاشانى أجمل فى قوله ان نفعت الذى تم فصل بقوله { سيذكر من يخشى } اى سيتذكر بتذكيرك ك يعنى زود باشد كه بندبذيرد. من من شأنه أن يخشى الله حق خشيته او من يخشى الله فى الجملة فيزداد ذلك بالتذكير فيتفكر فى امر ما تذكر به فيقف على حقيقته فيؤمن به وفى التفسير الكبير الناس فى أمر المعاد على ثلاثة أقسام منهم من قطع بصحته ومنهم من جوز وجوده ولكنه غير قاطع فيه لا بالنفى ولا بالاثبات ومنهم من أصر على انكاره والقسمان الاولان ينتفعون بالتذكير بخلاف الثالث.