التفاسير

< >
عرض

لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً
١١
-الغاشية

روح البيان في تفسير القرآن

{ لا تسمع } أنت يا مخاطب فالخطاب عام لكل من يصلح له او الوجوه فيكون التاء للتأنيث لا للخطاب { فيها } اى فى تلك الجنة العالية { لاغية } لغو من الكلام وهو ما لا يعتد به فهى مصدر كالعافية او كلمة ذات لغو على انها للنسبة او نفسا تلغو على انها اسم فاعل صفة لموصوف محذوف هو نفس وذلك فان كلام أهل الجنة كله اذكار وحكم اذ لا يدخلها المؤمن الا من مرتبة القلب والروح فان النفس والطبيعة تطرحان فى النار وشأن القلب والروح هو الذكر كما ان شأن النفس والطبيعة هو اللغو فكما لا لغو فى الجنة الصورية فكذا لا لغو فى الجنة المعنوية فى الدنيا لاستغراق أهلها فى الذكر وسماع خطاب الحق ولذا لا تسمع فى مجالسهم الا المعارف الربانية والحكم الرحمانية وفى الحديث "ان أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يتمخطون قالوا فما بال الطعام قال رشح كرشح المسك يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس" واما الدنيا ومجالس أهلها فلا تخلو من اللغو ولذلك قال عليه السلام "من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه" وهو الكلام الرديئ القبيح والضجة والاصوات المختلفة لا يفهم معناها "فقال قبل أن يقوم سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا اله الا أنت أستغفرك وأتوب اليك الا غفر له ما كان فى مجلسه ذلك" اى ما لم يتعلق بحق آدمى كالغيبة { فيها عين جارية } التنوين للتكثير اى عيون كثيرة تجرى مياهها على الدوام حيث شاء صاحبها وهى أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل من شرب منها لا يظمأ بعدها أبدا ويذهب من قلبه الغل والغش والحسد والعداوة والبغضاء وفيه اشارة الى عيون الذوق والكشف والوجدان والتوحيد فان بها يحصل الشفاء والصحة والبقاء لاهل القلوب وأصحاب الارواح.